قال ابن عباس: "ثم حكم رسول الله - ﷺ - على طعمة بالقطع، فخاف على نفسه الفضيحة، فهرب إلى مكة ولحق بالمشركين، ونزل قوله: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ﴾ أي: يخالفه" (١).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾ قال ابن عباس: "يريد الإيمان بالله ورسوله" (٢).
وقال الزجاج: لأن طعمة هذا كان قد تبين له بما أوحى الله عز وجل في أمره، وأظهر من سرقته، من الآية ما فيه بلاغ، فعادى النبي - ﷺ -، وصار إلى مكة (٣).
وقال غيره: قوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾ تفحيش لحال طعمة، وبيان أنه معاند للرسول ومخالف بعد ثبوت الحجة وقيام الدليل (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ قال ابن عباس: "يريد غير دين الموحدين". وذلك أن طعمة ترك دين الإسلام، وخالف المسلمين، واتبع دين أهل مكة، عبادة الأوثان (٥).
قال العلماء: هذه الآية من أقوى الحجج على صحة الإجماع (٦)،

(١) انظر: "الكشف والبيان" ٤/ ١٢٠ أ، و"الوسيط" ٢/ ٧٠٧، والبغوي ٢/ ٢٨٧، و"زاد المسير" ٢/ ٢٠٠.
(٢) انظر. "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٧.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٠٦، وانظر: الطبري ٥/ ٢٧٧، و"الكشف والبيان" ٤/ ١٢٠ أ، والبغوي ٢/ ٢٨٧.
(٤) لم أقف بعد البحث على قائله.
(٥) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٧.
(٦) انظر: "بحر العلوم" ١/ ٣٨٧، و"الكشف والبيان" ٤/ ١٢١ أ، و"الأحكام" للآمدي ١/ ٢٠٠، والقرطبي ٥/ ٣٨٦، وابن كثير ١/ ٦١١.


الصفحة التالية
Icon