وقال أبو علي: (أما كسر إن في قوله تعالى: ﴿فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ فلأن ما بعد الفاء حكمه الابتداء، ومن ثم حمل قوله تعالى: ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ﴾ [المائدة: ٩٥]، على إرادة المبتدأ بعد الفاء وحذفه، وقرأ نافع الأولى بالفتح والثانية بالكسر أبدل الأولى من الرحمة واستأنف ما بعد الفاء) (١). قال الفراء: (والكسر بعد الفاء حسن؛ لأنه يحسن في موضع إن بعد الفاء هو ألا ترى أنه لو قيل: ﴿ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ﴾ فهو ﴿غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لكان صوابًا، فإذا حسن دخول هو حسن الكسر) (٢).
٥٥ - قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾ الآية، يقول: وكما فصلنا لك في هذه السورة دلائلنا وأعلامنا على المشركين كذلك نميّز ونبيّن لك حجتنا وأدلتنا في كل حق ينكره أهل الباطل (٣)، ومعنى التفصيل (٤): التمييز للبيان، ولهذا فسر بالتبيين وهو قول ابن عباس (٥)

(١) "الحجة لأبي علي" ٣/ ٣١١ - ٣١٣.
(٢) انظر: "معاني القرآن" ١/ ٣٣٧، وانظر: "معاني القراءات" ١/ ٣٥٥ - ٣٥٧، و"إعراب القراءات" ١/ ١٥٧ - ١٥٨، و"الحجة" لابن خالويه ص ١٣٩ - ١٤٠، و"الحجة" لابن زنجلة ص ٢٥٢ - ٢٥٣، و"الكشف" ١/ ٤٣٣، و"الدر المصون" ٤/ ٦٥٠ - ٦٥٤.
(٣) انظر: "تفسير البغوي" ٣/ ١٤٨، الرازي ١٣/ ٦، القرطبي ٦/ ٤٣٦.
(٤) الفَصْل: إبانة أحد الشيئين من الآخر حتى يكون بينهما فُرجة، ويستعمل في الأقوال والأفعال، فهو أصل يدل على تمييز الشيء من الشيء وإبانته وتمييزه عنه، ويقال: تفصيل الآيات بيانها، وتفصيلها بالفواصل.
انظر: "العين" ٧/ ١٢٦، و"الجمهرة" ٢/ ٨٩١، و"تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٩٤، و"الصحاح" ٥/ ١٧٩٠، و"المجمل" ٣/ ٧٢٢، و"مقاييس اللغة" ٤/ ٥٠٥، و"المفردات" ص ٦٣٨، و"اللسان" ٦/ ٣٤٢٢ (فصل).
(٥) "تنوير المقباس" ٢/ ٢٤.


الصفحة التالية
Icon