في هذه القراءة للخطاب أي: ﴿وَلِتَسْتَبِينَ﴾ أيها المخاطب (١).
قال أهل المعاني: (وخص ﴿سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾ بالذكر، والمعنى: ﴿سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾ وسبيل المؤمنين فحذف؛ لأن ذكر أحد القبيلين يدل على الآخر، كقوله تعالى: ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ [النحل: ٨١] ولم يذكر البرد لدلالة الفحوى عليه. وهذا قول الزجاج (٢) وأبي علي (٣).
ودل كلام الزجاج على وجه آخر وهو: (أن يكون سبيل المؤمنين مضمنا به الكلام؛ لأن ﴿سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾ إذا بانت فقد بانت معها سبيل المؤمنين كما تقول: زيد ضاربٌ، تضمن هذا الكلام ذكر المضروب) (٤). قال ابن عباس: (﴿وَلِتَسْتَبِينَ﴾ يا محمد ﴿سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾ يريد: ما جعلوا لله في الدنيا من الشرك وما بيّنت من سبيلهم يوم القيامة ومصيرهم إلى الخزي) (٥).
٥٦ - قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ يعني: الأصنام، ومعنى ﴿تَدْعُونَ﴾: تعبدون، ويجوز أن يكون المعنى: تدعونهم (٦) في مهمّات أموركم على معنى العبادة، ومعنى ﴿مِنْ﴾ في قوله

(١) ما تقدم قول أبي علي في "الحجة" ٣/ ٣١٤ - ٣١٦، بتصرف واختصار، وانظر: "إعراب القراءات" ١/ ١٥٨، و"الحجة لابن خالويه" ص ١٤١، ولابن زنجلة ص ٢٥٣، و"الكشف" ١/ ٤٣٣.
(٢) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٥٥.
(٣) "الحجة" لأبي علي ٣/ ٣١٦.
(٤) وذكر هذا الوجه أيضاً النحاس في "معانيه" ٢/ ٤٣٢ - ٤٣٣، واقتصر عليه الأزهري في "معاني القراءات" ١/ ٣٥٨.
(٥) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٥٠، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٥٠.
(٦) أي: الأصنام، وقد ذكر الوجهين ابن عطية ٥/ ٢١٨، وابن الجوزي ٣/ ٥١، والقرطبي ٦/ ٤٣٧.


الصفحة التالية
Icon