٥٨ - قوله تعالى: ﴿قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ﴾ الاستعجال: المطالبة بتعجيل الشيء قبل وقته، ولذلك كانت العجلة مذمومة (١)؛ والإسراع: تقديم الشيء في وقته، ولذلك كانت السرعة محمودة (٢) [و] (٣) قال ابن عباس: (يقول لمحمد: ﴿قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ﴾ من العذاب لم أناظركم [ساعة] (٤)، ولكن الله حليم ذو أناة لا يعجل لعجلتكم) (٥).
وقوله تعالى: ﴿لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ أي: لا نفصل مما بيني وينكم من مطالبتي لكم بإخلاص عبادة الله ومطالبتكم بتعجيل العقوبة، فلو كان الأمر بيدي لأتيتكم [بما] (٦) تستعجلون به من العذاب (٧)، فلا يبقي بيننا مطالبة، هذا معنى قوله: ﴿لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾، وقد ذكرنا معنى ﴿لَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾ عند قوله ﴿وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾ [الأنعام: ٨].
وقال أهل المعاني (٨): (في هذه الآية علم الله تعالى أن بعضهم يؤمن من هؤلاء الذين كانوا يستعجلون العذاب، فلذلك أخر العذاب عنهم، والنبي - ﷺ - كان لا يعلم باطن أمرهم فلهذا كان يعجل عليهم بالعقوبة [لو] (٩) كان الأمر بيده).

(١) انظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٣٤٢، و"المفردات" ص ٥٤٨ (عجل).
(٢) "المفردات" ص ٤٠٧ (سرع).
(٣) لفظ (الواو): ساقط من (ش).
(٤) لفظ (ساعة) ساقط من (أ).
(٥) ذكره المؤلف في "الوسيط" ١/ ٥١، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٥٢، وانظر: "تنوير المقباس" ٢/ ٢٥.
(٦) في (أ): (ما).
(٧) لفظ: (من العذاب) ساقط من (أ).
(٨) انظر: "زاد المسير" ٣/ ٥٢.
(٩) في (ش): (إذا).


الصفحة التالية
Icon