وقال أبو إسحاق: (﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾ أي: هؤلاء الحفظة؛ لأنه قال: ﴿وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً﴾) (١)، فجعل أبو إسحاق رسل الموت من الحفظة المرسلة للحفظ، وعلى هذا يجب أن يكون؛ لأن تقدير اللفظ: وهو الذي يرسل الحفظة ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ توفوه، يريد: أن يرسلهم للحفظ في الحياة والتوفية عند مجيء الممات (٢)، و ﴿حَتَّى﴾ هاهنا هي التي يقع بعدها الابتداء (٣) والخبر، وقد بينا شرح (٤) ذلك عند قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ﴾ [يوسف: ١١٠].
وقوله تعالى: ﴿وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾ قال ابن عباس (٥) والسدي (٦): (لا يضيعون). وقال الزجاج: (لا يغفلون ولا يتوانون، قال: ومعنى التفريط: تقدمة العجز، والمعنى: أنهم لا يعجزون) (٧).

(١) "معاني القرآن" ٢/ ٢٥٨.
(٢) قال الفخر الرازي في "تفسيره" ١٣/ ١٦: (الأكثرون أن الذين يتولون الحفظ غير الذين يتولون أمر الوفاة، ولا دلالة في لفظ الآية تدل على الفرق) ا. هـ. وقال أبو حيان في "البحر" ٤/ ١٤٨: (الأكثرون على أن ﴿رُسُلُنَا﴾ عين الحفظة يحفظونهم مدة الحياة، وعند مجيء أسباب الموت يتوفونهم) ا. هـ
(٣) انظر: "الفريد" ٢/ ١٦٣.
(٤) انظر: "البسيط" النسخة الأزهرية ٣/ ٨٠ ب.
(٥) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٧/ ٢١٨، وابن أبي حاتم ٤/ ١٣٠٧ بسند جيد، وذكره السيوطي في "الدر" ٣/ ٣١٠.
(٦) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٧/ ٢١٨ بسند جيد.
(٧) "معاني القرآن" ٢/ ٢٥٨، وقال أبو عبيدة في "مجاز القرآن" ١/ ١٩٤: (أي: لا يتوانون ولا يتركون شيئاً ولا يخلفونه ولا يغادرون) ا. هـ. وانظر: "معاني النحاس" ٢/ ٤٣٩، وقد تقدم بحث معنى فرط.


الصفحة التالية
Icon