وقوله تعالى: ﴿لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا﴾ وقرأ الكوفيون (١): ﴿لَئِنْ أَنْجَانَا﴾ حملوه على الغيبة لقوله قبله: ﴿تَدْعُونَهُ﴾ ﴿لَئِنْ أَنْجَانَا﴾ (٢)، وقوله بعده: ﴿قُلْ الله يُنَجِّيكُمْ﴾ [الأنعام: ٦٤] ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ﴾ [الأنعام: ٦٥] فأنجانا أولى من ﴿أَنْجَيْتَنَا﴾ لكونه على ما قبله وما بعده [من لفظ الغيبة، وفيه إضمار على تقدير: يقولون: ﴿لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا﴾ في موضع الحال مثل ﴿تَدْعُونَهُ﴾، ومن قرأ: ﴿لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا﴾ فالتقدير عنده: داعين وقائلين ﴿لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا﴾، فواجه بالخطاب، ولم يراع ما راعاه الكوفيون من المشاكلة بما قبله وما بعده] (٣). ويقوي هذه القراءة قوله في آية أخرى: ﴿لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ [يونس: ٢٢]. وأمال (٤) حمزة والكسائي ﴿أَنْجَانَا﴾ وهو مذهب حسن؛ لأن هذا النحو من الفعل إذا كان على أربعة أحرف استمرت فيه الإمالة لانقلاب الألف إلى الياء في المضارع (٥).
وقوله تعالى: ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ قال ابن عباس: (من

(١) قرأ: عاصم وحمزة والكسائي ﴿لَئِنْ أَنْجَانَا﴾ بألف بعد الجيم من غير تاء ولا ياء وأمال الجيم، حمزة والكسائي، وفتح عاصم، وقرأ الباقون (لَئِنْ أَنجَيْتَنَا] بالياء والتاء من غير ألف.
انظر: "السبعة" ص ٢٥٩، و"المبسوط" ص ١٦٩، و"التذكرة" ٢/ ٤٠١، و"التيسير" ص ١٠٣، و"النشر" ٢/ ٢٥٩.
(٢) جاء في (ش): تكرار قوله: (حملوه على الغيبة؛ لقوله قبله ﴿تَدْعُونَهُ﴾ ﴿لَئِنْ أَنْجَانَا﴾).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ش).
(٤) في (أ): (وأما حمزة)، وهو تحريف.
(٥) هذا قول أبي علي الفارسي في "الحجة" ٣/ ٣٢٣ - ٣٢٤، وانظر: "معاني القراءات" ١/ ٣٦٢، و"إعراب القراءات وعللها" ١/ ١٦٠، و"الحجة" لابن خالويه ص ١٤١/ ١٤٢، و"الحجة" لابن زنجلة ص ٢٥٥، و"الكشف" ١/ ٤٣٥، وانظر: "تعريف الإمالة" ومراجعها فيما سبق.


الصفحة التالية
Icon