لأن الله تعالى خوفهم فقال: إن قعدتم معهم ﴿إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ﴾ [النساء: ١٤٠] وقال غيرهم: (ليست بمنسوخة، ولكن المعنى: ﴿وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ إذا قعدوا معهم بشرط التذكير والموعظة) (١).
٧٠ - قوله تعالى: ﴿وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا﴾ الآية، قال ابن عباس (٢) والمفسرون (٣): (يعني: الكفار الذين إذا سمعوا آيات الله استهزؤوا بها وتلاعبوا عند ذكرها).
وقال الفراء: (يقال: ليس من قوم إلا ولهم عيد فهم (٤) يلهون في أعيادهم إلا أمة محمد، فإن أعيادهم برّ وصلاة وتكبير وخير) (٥)، وهذا قول الكلبي (٦)، فعلى القول الأول معنى قوله ﴿دِينَهُمْ﴾: الذي شرع لهم، وعلى قول الفراء المراد بالدين: العيد؛ لأنه مما يتدين (٧) به فصار داخلًا في جملة الدين.

(١) هذا هو الظاهر، واختيار النحاس في "ناسخه" ٢/ ٣١٩، ومكي في "الإيضاح" ص ٢٤٣، وابن الجوزي في "النواسخ" ص ٣٢٥، ومصطفى زيد في "النسخ في القرآن" ١/ ٤٤٠، قالوا: (الآية خبر ومحال نسخه، والمعنى فيه بين، أي: ما عليكم شيء من آثامهم إنما يلزمكم الإنذار والنهي عن المنكر، ولا يقعد معه راضيًا بقوله وفعله وإلا كان مثله) وانظر: ابن عطية ٥/ ٢٣٥، والقرطبي ٧/ ١٥، وانظر: "مفهوم النسخ عند السلف" في ص ٢٦٧.
(٢) ذكر نحوه بدون نسبة البغوي ٣/ ١٥٥، وابن الجوزي ٣/ ٦٤.
(٣) انظر: الطبري ٧/ ٢٣١، والماوردي ٢/ ١٢٩.
(٤) في (ش): (عيد فلهم)، وهو تحريف.
(٥) "معاني الفراء" ١/ ٣٣٩.
(٦) ذكره السمرقندي ١/ ٤٩٣، والقرطبي ٧/ ١٦، وذكره الرازي ١٣/ ٢٧ عن ابن عباس.
(٧) في (ش): (مما تدين به).


الصفحة التالية
Icon