وقوله تعالى: ﴿كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ﴾ اختلف أهل اللغة في معنى (١) ﴿اسْتَهْوَتْهُ﴾ فقال الزجاج: (أي: كالذي زينت له الشياطين هواه) (٢)، فعلى هذا معنى الاستهواء: الدعاء إلى الأمر بالهوى من هوى النفس. وقال أبو عبيدة (٣): (﴿اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ﴾ استمالته).
وقال الليث (٤): (يقال للمستهام الذي يستهيمه الجن: استهوته الشياطين، فهو حيران هائم).
وقال غيره: (﴿اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ﴾ بمعنى استغوته ودعته إلى الضلال واستتبعته (٥)، فهوى، أي: أسرع، والعرب تقول: استهوى فلان فلانًا، واستغواه، إذا دعاه إلى الغي، وهو من قولهم: هوى يهوي إلى الشيء إذا أراده وأسرع إليه (٦)، ومنه قوله تعالى: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ [إبراهيم: ٣٧] أي: تنزع إليهم وتقعدهم) (٧).
(٢) "معاني القرآن" ٢/ ٢٦٢، ومثله ذكر النحاس في "معانيه" ٢/ ٤٤٦.
(٣) ذكره أبو علي في "الحجة" ٣/ ٣٢٥، وهو قول اليزيدي في "غريب القرآن" ص ١٣٨، وقال أبو عبيدة في "المجاز" ١/ ١٩٦: (هو الحيران الذي يشبه له الشياطين فيتبعها حتى يهوى في الأرض فيضل) اهـ.
(٤) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨١٤، وانظر: "العين" ٤/ ١٠٥ (هوى).
(٥) في (ش): (فاستتبعته).
(٦) انظر: "تفسير القرطبي" ٧/ ١٨.
(٧) هذا قول الطبري في "تفسيره" ١٣/ ٢٣٤، وفي "تفسير غريب القرآن" ص ٢٣٧ قال: (هوت به وذهبت).