والعلماء بأخبار الماضين: (٨) (لما شب إبراهيم في السرب [الذي ولد فيه، قال لأبويه: أخرجاني فأخرجاه، من السرب] (١) وانطلقا به حين غابت الشمس، فنظر إبراهيم إلى الإبل والخيل والغنم، فقال: ما لهذه بُدّ من أن يكون لها رب وخالق، ثم نظر وتفكر في خلق السموات والأرض، وقال: إن الذي خلقني ورزقني وأطعمني وسقاني لربي ما لي إله غيره، ثم نظر فإذا المشتري قد طلع، ويقال: الزهرة، وكانت تلك الليلة في آخر الشهر، فرأى الكوكب قبل القمر فقال: ﴿هَذَا رَبِّي﴾).
واختلفوا في معنى قوله: ﴿هَذَا رَبِّي﴾ فقال أهل التحقيق من العلماء: (إن إبراهيم عليه السلام لم يكن قط في ضلال وحيرة، وكيف يتوهم ذلك على من عصمه الله وطهّره في مستقره ومستودعه؟ وما زال في حكم الله نبيًّا والله تعالى يقول: ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الصافات: ٨٤] أي: لم يشرك به قط، كذلك قال المفسرون، ويقول (٢): ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ﴾ الآية. [الأنعام: ٧٥] أفترى الله أراه الملكوت ليوقن، فلما أيقن ﴿رَأَى كَوْكَبًا﴾ فقال: ﴿هَذَا رَبِّي﴾ على الحقيقة والاعتقاد! هذا ما لا يكون أبدًا، وإنما معنى قوله: ﴿هَذَا رَبِّي﴾ أن قومه كانوا يعبدون النجوم ويعظمونها ويحكمون بها.
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٢) لفظ: (الواو): ساقط من (أ).