الكلام، وكذلك يقول في قوله تعالى (١): ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ﴾ [الممتحنة: ٣] أنه على معنى الرفع، وكذلك يقول في قوله تعالى: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ﴾ [الجن: ١١] فدون: في موضع رفع عنده) (٢)، وإن كان منصوب اللفظ، ألا ترى أنك تقول: منا الصالحون (٣)، ومنا الطالحون؛ فترفع) (٤)، وذكر ابن الأنباري هذين الوجهين في علة النصب فقال: (التقدير: لقد تقطع ما بينكم، فحذفت ما لوضوح معناها، ونصبت بين على طريق المحل والصفة، ومثله قول الشاعر:

ما بين عَوْفٍ وإبراهيمَ من نَسَبٍ إلا قرابةُ بين الزنج والرومِ (٥)
أراد: إلا قرابة ما بين الزنج والروم، وقال آخر:
يُدِيرُونَنِي عَنْ سَالِمٍ وأُدِيرُهُمْ وَجِلْدَةُ بَيْن العَيْنِ وَالأنْفِ سالِمُ (٦)
(١) في النسخ: (ويوم)، وهو تحريف.
(٢) انظر: "معاني الأخفش" ١/ ٢٣٧، و"الحجة" لأبي علي ١/ ٢٥٠ - ٢٥١، ٣/ ٢٦٢، ٥/ ٤٢٩، ٦/ ٢٨٥، و"كتاب الشعر" ١/ ٣٠٦، و"المحتسب" ٢/ ١٩٠، وفيها كلام الأخفش وشرحه.
(٣) في (أ): (منا الطالحون ومنا الطالحون)، وهو تحريف.
(٤) "الحجة" لأبي علي ٣/ ٣٥٧ - ٣٦١ بتصرف واختصار، وانظر: "معاني القراءات" ١/ ٣٧١، و"إعراب القراءات" ١/ ١٦٤، و"الحجة" لابن خالويه ص ١٤٥، ولابن زنجلة ص ٢٦١، و"الكشف" ١/ ٤٤٠.
(٥) لم أقف على قائله، وهو في "الدر المصون" ٥/ ٥١.
(٦) البيت لأبي الأسود الدؤلي في "ديوانه" ص ٢٥٠، و"الدر المصون" ٥/ ٥١، ولزهير في "ديوانه" ص ١٢١، و"شرحه لثعلب" ص ٢٥٠، وبلا نسبة في "أمالي القالي" ١/ ٥١، ونسب في "العقد الفريد" ٢/ ٢٧٣، ٦/ ١٣٧ إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما؛ وقال البغدادي في "الخزانة" ٥/ ٢٧٢ - ٢٧٣: (هذا خطأ، والصواب أنَّه تمثَّل به لا أنه قاله، والبيت لزهير، وهو ثابت في ديوانه) اهـ.


الصفحة التالية
Icon