﴿الرَّحْمَةَ﴾ غاية الكلام ثم استأنفت بعدها ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ﴾، وإن شئت [جعلته] (١) في موضع نصب كما قال تعالى: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ﴾ الآية [الأنعام: ٥٤]. وعلى هذا يكون قوله: ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ﴾ جوابًا لقوله: ﴿كُتِبَ﴾؛ لأنه بمعنى أوجب، والقسم يوجب كما يوجب ﴿كُتِبَ﴾، فلما كان معنى قوله: ﴿كُتِبَ﴾، مثل معنى القسم حمل الجواب على معنى القسم، قاله الجرجاني (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [قال الزجاج] (٣): (معناه: ليجمعنكم إلى اليوم الذي أنكرتموه، كما تقول: قد جمعت هؤلاء إلى هؤلاء، أي: ضممت بينهم في الجمع) (٤).
وقال صاحب النظم: (التأويل: ليؤخرن جمعكم إلى يوم القيامة، وقوله: ﴿إِلَى﴾ دليل على معنى التأخير في الجمع إلى هذا اليوم) (٥)، وهذا القول غير ما قال الزجاج في ﴿إِلَى﴾.

(١) (جعلته)، ساقط من (ش).
(٢) لم أقف عليه، وهذا القول هو ظاهر كلام الأخفش في "معانيه" ٢/ ٢٦١، وابن الأنباري في "البيان" ١/ ٣١٥، وانظر: "المشكل" ١/ ٢٤٦، والرازي في "تفسيره" ١٢/ ١٦٥، والقرطبي في "تفسيره" ٦/ ٣٩٥، و"البحر" ٤/ ٨٢.
(٣) (قال الزجاج): ساقط من (ش).
(٤) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٣٢.
(٥) لم أقف عليه. و (إلى) لها عدة معانٍ، كما في "حروف المعاني" للزجاجي ص ٦٥، و"معاني الحروف" للرماني ص ١١٥، و"المغني" لابن هشام ١/ ٧٤، والأظهر هنا قول الجمهور أنها على بابها للغاية، أي: ليجمعنكم منتهين إلى يوم القيامة. وقيل: هي بمعنى في، وقيل: بمعنى اللام، وقيل: زائدة. انظر: البغوي في "تفسيره" ٣/ ١٣١، وابن عطية في "تفسيره" ٥/ ١٣٩، والرازي في "تفسيره" ١٢/ ١٦٦، والقرطبي في "تفسيره" ٦/ ٣٩٥، و"البحر" ٤/ ٨٢، و"الدر المصون" ٤/ ٥٥٠.


الصفحة التالية
Icon