﴿يُشْعِرُكُمْ﴾ بتقدير مفعول معه يراد به، أي شيء يشعركم إيمانهم، ويوقع في أنفسكم صحة ما حلف عليه الكفار)، وهذا معنى قول الزجاج: (أي لستم تعلمون الغيب، ولا تدرون أنهم يؤمنون) (١)، ألا ترى أنه ذكر مفعول الإشعار، وقال مجاهد: (وما يدريكم [أنكم] (٢) تؤمنون، ثم استقبل يخبر فقال: ﴿أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾) (٣).
وقوله تعالى: ﴿أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ قرأ ابن كثير (٤) وأبو عمرو (إنها) بكسر الهمزة على الاستئناف، وهي القراءة الجيدة. قال سيبويه: (سألت الخليل عن هذه القراءة، فقلت: ما منع أن تكون كقولك: ما يدريك أنه لا يفعل؟ فقال: لا يحسن ذلك في هذا الموضع إنما قال: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾ ثم ابتدأ فأوجب فقال: (إنها إذا جاءت لا يؤمنون) ولو قال: (وما يشعركم أنها) بالفتح كان ذلك عذرًا لهم (٥)، انتهى كلامه.
ومعنى قوله: (كان [ذلك] (٦) عذرًا لهم) أنك لو فتحت أن وجعلتها التي في نحو: بلغني أن زيدًا (٧) منطلق، لكان عذرًا لمن أخبر عنهم أنهم
(٢) في (ش): (أنهم يؤمنون). وعليه يكون الخطاب للمؤمنين وهو أحد قولي مجاهد، كما في "تفسيره" ١/ ٢٢١، قال: (وما يدريكم أنهم يؤمنون، ثم أوجب عليهم أنهم لا يؤمنون) ا. هـ.
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٧/ ٣١٢، وابن أبي حاتم ٤/ ١٣٦٨ من عدة طرق جيدة، وذكر السيوطي في "الدر" ٣/ ٧٣.
(٤) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية (إنها) بكسر الهمزة، وقرأ الباقون بفتحها. انظر: "السبعة" ص ٢٦٥، و"المبسوط" ص ١٧٣، و"التذكرة" ٢/ ٤٠٧، و"التيسير" ١٠٦، و"النشر" ٢٦١.
(٥) "الكتاب" ٣/ ١٢٣.
(٦) لفظ: (ذلك) ساقط من (أ).
(٧) انظر: "الكتاب" ٣/ ١٢٢.