جاءت) (١)، وهذا يقوي [قراءة] (٢) من قرأ (تؤمنون) بالتاء، على ما ذكرنا أولاً الخطاب في قوله ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾ للمؤمنين، وذلك أنهم تمنوا نزول الآية ليؤمن المشركون، وهو الوجه؛ لأنه قيل للمؤمنين: تمنون ذلك، وما يدريكم أنهم يؤمنون، على ما شرحنا وبينا (٣).
١١٠ - قوله تعالى ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ﴾ قال المفسرون (٤): (نحول بينهم وبين الإيمان لو جاءتهم تلك الآية فلا يؤمنون، حُلنا بينهم وبين الإيمان أول مرة). قال ابن عباس في رواية عطاء: (﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ﴾ حتى يرجعوا إلى ما سبق عليهم من علمي، قال: وهذا كقوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾ [الأنفال: ٢٤] قال: يريد: يحول بين المؤمن وبين أن يكفر به وبين الكافر وبين أن يؤمن به) (٥)، والتقليب (٦) والقلب واحد وهو تحويلك (٧) الشىء عن وجهه، ومعنى تقليب [الأفئدة والأبصار] (٨) هاهنا، هو أن الواجب من مقتضى الآية أن يؤمنوا إذا جاءتهم الآية فعرفوها بقلوبهم ورأوها بأبصارهم، فإذا
(٢) لفظ: (قراءة) مكرر في (أ).
(٣) انظر: "تفسير الرازي" ١٣/ ١٤٥، فقد نقل عامة الأقوال التي ذكرها الواحدي، وكذلك نص كلام الواحدي في التوجيه، دون نسبة.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ٧/ ٣١٤، والسمرقندي ١/ ٥٠٧، والماوردي ٢/ ١٥٦.
(٥) ذكره ابن القيم كما في "بدائع التفسير" ٢/ ١٧٢.
(٦) القلب: بفتح القاف وسكون اللام. والتقليب -بفتح التاء وسكون القاف وكسر اللام-: الصرف، وتحويل الشيء عن وجهه. انظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٣٠٢٧، و"الصحاح" ١/ ٢٠٥، و"المفردات" ص ٦٨١، و"اللسان" ٦/ ٣٧١٣ مادة (قلب).
(٧) (تحويلك) غير واضح في (ش).
(٨) في (ش): (الأفئدة أو الأبصار).