وقوله تعالى: ﴿مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ قال الزجاج (١): (أعلم الله جل وعز أنهم لا يؤمنون، وهو كإعلام نوح في قوله تعالى: ﴿أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ﴾ [هود: ٣٦]، قال عكرمة (٢): (هذا في أهل الشقاء)، وقال ابن جريج (٣): (نزلت هذه الآية في المستهزئين الذين ذكروا في سورة الحجر) (٤).
قال ابن عباس في هذه الآية: (أخبر الله تعالى نبيه - ﷺ - بما سبق في علمه وقضائه وقدره من الشقوة عليهم، ليعزى رسوله ويصبره، وذلك أن حزن النبي - ﷺ - اشتد حين كذّبه قومه، وكفروا بالله، وصاروا إلى العذاب، ولهذا قال الله تعالى له: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾ [الكهف: ٦] (٥).

= وأظهر الأقوال توافق القراءتين بمعنى: المعاينة والمقابلة. وهو ظاهر كلام ابن كثير ٢/ ١٨٥، وقال أبو حيان في "البحر" ٤/ ٢٠٦: (هذا القول عندي أحسن؛ لاتفاق القراءتين) ا. هـ وأخرجه الطبري ١٢/ ٤٩، وابن أبي حاتم ٤/ ١٣٧٠، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ١/ ٢٠٥، بسند جيد عن ابن عباس، وأخرجه الطبري بسند جيد عن قتادة، وحكاه الماوردي ٢/ ١٥٧، عن ابن زيد وابن إسحاق، وأخرج ابن حسنون في "اللغات" ص ٢٤، و"الوزان" ص ٣/ ب، بسند جيد عن ابن عباس قال: (قبلًا يعني: عيانًا؛ الضم بلغة تميم، والكسر بلغة كنانة) اهـ.
(١) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٨٣، ومثله ذكر السمرقندي ١/ ٥٠٧.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) أخرجه الطبري ٨/ ١، بسند جيد، وذكره ابن عطية ٥/ ٣٢٠، وقال: (هذا لا يثبت إلا بسند) ا. هـ. وانظر: "الدر المنثور" ٣/ ٧٢.
(٤) يعني قوله تعالى: ﴿كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ﴾ [الحجر: ٩٠]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾ [الحجر: ٩٥]، وانظر: سبب نزولها في "زاد المسير" ٤/ ٤١٧ - ٤٢١.
(٥) أخرج البيهقي في "الأسماء والصفات" ص ١/ ٢٥٠ بسند جيد عن ابن عباس قال: (إن رسول الله - ﷺ - كان يحرص أن يؤمن جميع الناس، ويبايعوه على الهدى، =


الصفحة التالية
Icon