وقوله تعالى: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ﴾ قرئ (١) بالضم في الحرفين وبالفتح فيهما، وفي الأول بالفتح والثاني بالضم، فمن قرأهما بالضم فحجته قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣] وقوله] (٢) ﴿حُرِمَتْ﴾ تفصيل ما أجمل في هذه الآية، فكما أن الاتفاق هاهنا على ﴿حُرِمَتْ﴾، كذلك يكون الذي أجمل فيه وكما وجب (حُرِّم) بضم الحاء لقوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣] كذلك ضم (فُصل) لأن هذا المفصل هو ذلك المحرم الذي قد أجمل في هذه الآية، [وأيضًا] (٣) فإنه قد قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا﴾ [الأنعام: ١١٤] [و (مفصلًا)] (٤) يدل على (فُصّل) ومن فتحهما فحجته في (فَصّل) قوله: ﴿قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ﴾ [الأنعام: ٩٧] وحجته في (حَرّم) قوله: ﴿أَتْلُ مَا حَرَّمَ﴾ [الأنعام: ١٥١]، ويؤكد الفتح قوله تعالى: ﴿مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ (٥)﴾ [الأنعام: ١١٩] فينبغي أن يكون الفعل مبنيًا للفاعل لتقدم ذكر اسم الله سبحانه، ومن قرأ: (فَصَّل) بالفتح فحجته قوله: ﴿قَدْ فَصَّلْنَا﴾ [الأنعام: ٩٧]، وحجته في ضَمِّ (حُرّم)، قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ

(١) قرأ ابن عامر، وابن كثير، وأبو عمرو (فصل) بضم الفاء وكسر الصاد، وقرأ الباقون بفتح الفاء والصاد، وقرأ نافع وعاصم في رواية: (حرم) بفتح الحاء والراء، وقرأ الباقون بضم الحاء وكسر الراء. انظر: "السبعة" ص ٢٦٧، و"المبسوط" ص ١٧٤، و"الغاية" ص ٢٤٩، و"التذكرة" ٢/ ٤٠٩، و"التيسير" ص ١٠٦، و"النشر" ٢/ ٢٦٢.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ش).
(٣) لفظ: (أيضًا) ساقط من (أ).
(٤) لفظ: (ومفصلًا) ساقط من (ش).
(٥) لفظ: (عليكم) ساقط عن (ش).


الصفحة التالية
Icon