وقال أبو إسحاق: (كأنه قد كلف بأن يصعد إلى السماء إذا دعي إلى الإِسلام من ضيق صدره عنه، قال: ويجوز أن يكون كأنَّ قلبه يصاعد في السماء نبوًا (١) عن الإسلام والحكمة) (٢).
وعلى هذا إنما شُبّه بالذي ﴿يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾ لبعده عن الإسلام ونفور قلبه، كما جرت العادة أن يقال لمن تباعد عن أمر ولم يلن له: فلان يَنْزُو (٣) في اللوح ويذهب في السماء من هذا الأمر، وقال أبو علي: (من قرأ (يصَّاعد) و (يصَّعَّد) فهو من المشقة وصعوبة الشيء، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾ [الجن: ١٧]، ومن ذلك قول عمر - رضي الله عنه - (٤): "ما تصعَّدني شيء كما تصَعَّدنِي خِطْبةُ النكاح" (٥)، أي: ما شق عليّ مشقتها، وكأن ذلك لما يتكلفه الخطيب من مدحه وإطرائه لِلْمُمْلِكَ، فربما لم يكن كذلك، فيحتاج إلى تطلب المَخْلَص، فلذلك يشق، ومن ذلك قول الشاعر (٦):
(٢) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٩٠.
(٣) ينزو: أي ينزع. وأصل النَزْو: الوثب. انظر: "اللسان" ٧/ ٤٤٠٢ (نزا).
(٤) في (أ): (رحمه الله).
(٥) ذكره أبو عبيد في "غريب الحديث" ٢/ ١٠٣، والطبري في "تفسيره" ٨/ ٣١، والنحاس في "معانيه" ٢/ ٤٨٧، والأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ٢٠١٤، وابن عطية في "تفسيره" ٥/ ٣٤٥، وابن الجوزي ٣/ ١٢١، وابن الأثير في "النهاية" ٣/ ٣٠.
(٦) الشاهد للأعلم الهذلي حبيب بن عبد الله الهذلي.
في "شرح أشعار الهذليين" للسكري ١/ ٣٢٣، و"تهذيب اللغة" ٢/ ٢٠١٥، وبدون نسبة في "عيون الأخبار" ١/ ٢٢٦، و"جمهرة اللغة" ٢/ ٦٥٤، و"اللسان" ٤/ ٢٤٤٦ (صعد).