وعلى هذا يوهم (١) أنه لو أهلكهم وهم غافلون قبل بعث الرسل كان ظالمًا، وكذلك لو أهلكهم وهم صالحون، وليس كذلك؛ لأن له أن يفعل ما يريد، لكنه أخبر أنه لا يعذب قبل بعثه الرسل، ولا يهلك الصالحين، ولو فعل ذلك لم يكن ظلمًا، ولكنه يكون في صورة الظلم فيما بيننا، فأطلق عليه الظلم مجازًا لا حقيقة، والقول في معنى الآية هو الأول (٢) وقد بيّنا القولين في سورة هود عند قوله تعالى: ﴿بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾ [هود: ١١٧].
١٣٢ - قوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾ الآية. قال ابن عباس: (يريد: فضائل مما عملوا ﴿وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ يريد: عمل المشركين والدرجات للمؤمنين (٣)، فعلى هذا أثبت الدرجات للمؤمنين في (٤) أول الآية وأوعد المشركين بأنه ليس ﴿بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ في آخر الآية على معنى: أنه يجازيهم به، وتقدير الآية: ولكل عاملٍ بطاعة الله درجات جزاء من أجل ما عملوا، وقال آخرون: (هذا عام في كل
(١) في (ش): (توهم).
(٢) انظر: "تفسير الرازي" ١٣/ ١٩٦ - ١٩٧.
(٣) انظر: "تنوير المقباس" ٢/ ٦٢، وفي "الوسيط" ١/ ١٢١ نقل الواحدي عن ابن عباس في الآية قال: (يريد عمل المشركين).
(٤) لفظ: (في) ساقط من (أ).