وقوله تعالى: ﴿ذُو الرَّحْمَةِ﴾. قال ابن عباس: (بأوليائه وأهل طاعته) (١)، وقال الكلبي: (ذو الرحمة بخلقه، وذو التجاوز) (٢)، وقال مقاتل: (ذو النعمة فلا يعجل (٣) عليهم بالعذاب، -يعني: كفار مكة-).
وقوله تعالى: ﴿وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ﴾. قال الكلبي: (وينشئ من بعدكم خلقًا آخر) (٤) ﴿كَمَا أَنْشَأَكُمْ﴾ مثل ما أنشاكم، أي: خلقكم ابتداء ﴿مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ﴾ -يعني: آباءهم الماضين-، وهذا وعيد لهم بالإهلاك (٥).
١٣٤ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ﴾. قال الحسن: (أي: من مجيء الساعة؛ لأنهم كانوا يكذبون بالنشأة الثانية) (٦)، فيجوز أن يكون (توعدون) من الإيعاد: أي ما توعدون به من العقوبة في الآخرة، ويجوز أن يكون من الوعد، لاختلاط الخير بالشر، فيكون على التغليب، إذ مجيء الساعة خير للمؤمنين، وشر على الكافرين، وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ أي: بفائتين: يقال: أعجزني فلان، أي: فاتني وغلبني فلم أقدر عليه (٧).
(٢) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٢١، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ١٩١.
(٣) "تفسير مقاتل" ١/ ٥٩٠، وقد جاء في (ش)، و"تفسير مقاتل": (فلا تعجل) بالتاء.
(٤) انظر: "تنوير المقباس" ٢/ ٦٢.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٢٠٢، والسمرقندي ١/ ٥١٤ - ٥١٥.
(٦) ذكره الرازي في "تفسيره" ١٣/ ١٦٦، والقرطبي ٧/ ٨٨، وأبو حيان في "البحر" ٤/ ٢٢٥.
(٧) هذا قول أبي عبيدة في "مجاز القرآن" ١/ ٢٠٦.