وقوله تعالى: ﴿إِنِّي عَامِلٌ﴾. قال مقاتل: (أي: عامل على جديلتي التي أمرت بها) (١)، يريد ﴿اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ﴾ على مكانتي: فحذفت الثانية لدلالة الأولى في ذلك الجانب على الثانية في هذا الجانب، وجملة المعنى: اعملوا ما أنتم عاملون إني عامل مما أمرني به ربي، ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ﴾ موضع (من) نصب بوقوع العلم عليه، ويجوز أن يكون رفعًا على معنى: تعلمون أينا ﴿تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ﴾ كقوله: ﴿لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ﴾ [الكهف: ١٢]، والوجهان ذكرهما الفراء (٢).
قال ابن عباس: (﴿مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ﴾ يعني: الجنة. ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ من له الجنة أنتم أم أوليائي وأهل طاعتي) (٣)، فإن قيل: أليس الكافر أيضًا له عاقبة في الآخرة، فكيف قيل: إن (٤) عاقبة الدار للمؤمنين؟ قيل: العاقبة تكون على الكافر ولا تكون له، كما يقال: لهم الكرة، ولهم الظفر، وفي ضده يقال: عليهم الكرة والظفر (٥).
(١) "تفسير مقاتل" ١/ ٥٩٠.
(٢) انظر: "معاني الفراء" ١/ ٣٥٥، والنصب على أن (من) موصولة، فهي في محل نصب مفعول به، والرفع على أن (من) استفهامية، فتكون في محل رفع بالابتداء، انظر: "إعراب النحاس" ١/ ٥٨٠، و"المشكل" ١/ ٢٧١، و"البيان" ١/ ٣٤٢، و"التبيان" ص ٣٥٩، و"الفريد" ٢/ ٢٣١، و"الدر المصون" ٥/ ١٥٨.
(٣) "تنوير المقباس" ٢/ ٦٢، وذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٢٢.
(٤) في (ش): (فكيف قيل له عاقبة الدار للمؤمنين)، وهو تحريف.
(٥) انظر: "تفسير الرازي" ١٣/ ٢٠٣.