وقوله تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ﴾، هذا احتجاج للنبي - ﷺ - على من أنكر نبوته؛ لأنه لم يأت أحد بمثله في إخباره عما سيكون وكان حقًّا، كقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [المائدة: ٦٧]، فعصمه حين لم يقتل مع تظاهر أعدائه عليه، وقوله: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [التوبة: ٣٣] ثم أظهر دين الإِسلام على سائر الأديان، وقال لليهود -وكانوا أعز قوم في وقتهم-: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ﴾ [البقرة: ٦١]، فهم أذلاء إلى يوم القيامة (١).
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ بَلَغَ﴾ قال ابن عباس: (يريد من أمتي إلى يوم القيامة) (٢).
قال الفراء: (والمعنى: ومن بلغه القرآن من بعدكم. و ﴿بَلَغَ﴾: صلة لمن، ونصبت ﴿مَنْ﴾ بالإنذار) (٣)، والعائد إلى الموصول محذوف (٤)، كقولك: الذي رأيت زيد، ومن ضربت عمرو، وقد مرَّ قبيل، والعلماء على أن من بلغته آية من كتاب الله فهو ممن بلغته الدعوة (٥).
(٢) ذكره المؤلف في "الوسيط" ١/ ٢٠، بلا نسبة، وأخرج الطبري ٧/ ١٦٣، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ٤/ ١٢٧١، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ٢/ ٢٤ بسند جيد عنه في الآية قال: (يعني أهل مكة ومن بلغه هذا القرآن فهو له نذير) ا. هـ.
(٣) "معاني الفراء" ١/ ٣٢٩.
(٤) هذا قول الجمهور والتقدير: ولأنذر الذي بلغه القرآن، حذف العائد لاستعمال العرب ذلك ولدلالة الكلام عليه. انظر: "تفسير الطبري" ٧/ ١٦٣، و"إعراب النحاس" ٢/ ٥٨، و"المشكل" ١/ ٢٤٧، ابن عطية ٥/ ١٥١، و"البحر" ٤/ ٩١، و"الدر المصون" ٤/ ٥٦٨.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٧/ ١٦٣، والبغوي ٣/ ١٣٣، وابن كثير ٢/ ١٤٢.