قال: ويجوز أن يكون ﴿أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ﴾ (١) محمولًا على المعنى، فيكون أتلو عليكم ألا تشركوا [والمعنى: أتلو عليكم تحريم الشرك، قال: وجائز أن يكون على معنى أوصيكم ألاّ تشركوا (٢)] به شيئًا؛ لأن قوله: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ محمول على معنى: أوصيكم بالوالدين إحسانًا) (٣).
قال أبو بكر: (وقال آخرون: موضع أن نصب بعلى على (٤) معنى الإغراء، والكلام انقطع عند قوله: ﴿أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ﴾ والابتداء ﴿عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا﴾ كما قال تعالى: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ [المائدة: ١٠٥] قال: ويجوز أن يكون أن في موضع رفع بعلى، كما تقول: عليكم الصيام والحج) (٥).
وأما موضع (تشركوا) فذكر الفراء فيه قولين: (أحدهما: وهو الظاهر أنه نصب بأن، ويجوز أن يكون في موضع جزم بلا على النهي كقولك: أمرتك ألا تذهبَ إلى زيد بالنصب وأن لا تذهبْ بالجزم، كما قال الله تعالى ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ﴾ [الأنعام: ١٤] فنصب أوله، ونهى في آخره. قال: والجزم في هذه الآية أحب إليّ لقوله: ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ﴾ [الأنعام: ١٥٢] وأمّا ما نسقته على ﴿أَلَّا تُشْرِكُوا﴾

(١) في (ش): ﴿أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ش).
(٣) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٠٤.
(٤) في (ش): (نصب بمعنى على معنى)، وهو تحريف.
(٥) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٣٨، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ١٤٧، والسمين في "الدر" ٥/ ٢١٦ - ٢١٧، واستبعد أبو حيان في "البحر" ٤/ ٢٥٠، والسمين في "الدر" ٥/ ٢١٧، النصب على الإغراء قال السمين: (هذا ضعيف لتفكك التركيب عن ظاهره، ولأنه لا يتبادر إلى الذهن) اهـ.


الصفحة التالية
Icon