وقوله تعالى: ﴿تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ﴾ كثر الاختلاف في هذا بين أهل المعاني، والذي يعتمد في تفسير هذا قولان مجمع على صحتهما:
أحدهما: أن المعنى (تماما) من الله عز وجل على المحسنين، و ﴿الَّذِي أَحْسَنَ﴾ بمعنى: من أحسن، ومن أحسن هو المحسن، كأنه قيل: تمامًا على المحسن، والمحسن [يكون] (١) هاهنا في مذهب الجمع كما قال: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [العصر: ٢]، وهذا كما يقول الرجل: أوصي بمالي لمن غزا وحج وللذي غزا وحج] (٢)، يريد: الغزاة والحجاج، ويدل على صحة هذا التأويل قراءة ابن مسعود (٣) (تماما على الذين أحسنوا). والمحسنون (٤) هم الأنبياء صلوات الله عليهم [أجمعين] (٥)، أو المؤمنون. وتلخيصه: آتينا موسى الكتاب تتميمًا منا على الأنبياء و (٦) المؤمنين الكتب، وتفصيلًا منا لكل شيء، وإنما فسرنا التمام بالتتميم هاهنا لما يعود معناه إليك؛ لأنك إذا قلت: أعطيتك الشيء تمامًا، كان معناه: تممته لك (٧).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ش).
(٣) ذكرها الفراء في "معانيه" ١/ ٣٦٥، وابن قتيبة في "تأويل المشكل" ص ٣٩٨، والطبري في "تفسيره" ٨/ ٩٠، والنحاس في "معانيه" ٢/ ٥١٩، وابن خالويه في "مختصر الشواد" ص ٤١.
(٤) في (ش): (فالمحسنون) بالفاء.
(٥) لفظ: (أجمعين) ساقط من (أ).
(٦) في (أ): (أو المؤمنين).
(٧) هذا نص كلام ابن قتيبة في "تأويل المشكل" ص ٣٩٧ - ٣٩٨.