عباس (١) -رضي الله عنه-، فالدين [الذي] (٢) فارقه المشركون التوحيد الذي نصب لهم عليه أدلته؛ لأن المشركين لم يكونوا أهل كتاب، ولا ممسكين بشريعة ثم تركوها حتى يقال: (فارقوا دينهم) ولكن إضافة الدين إليهم كإضافته إلى اليهود على ما بينا، ومثل هذا قوله: ﴿وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ﴾ [الأنعام: ١٣٧] أي: دينهم الذي دعوا إليه وشرع لهم، ألا ترى أنهم لا يلبسون عليهم دينهم الذي هو الإشراك.
وقال مجاهد فيما روى عنه ليث (٣): ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ﴾ (هم من هذ الأمة) (٤).
وكذلك روي عن طاووس (٥) وعائشة (٦) وعن أبي هريرة (٧) روي مرفوعًا (٨): أنهم أهل البدع والشبهات، وأهل الضلالة من هذه الأمة، ذلك أنهم أبدعوا في الدين، وخالفوا الجماعة العظمى، وصاروا شيعًا مختلفين.

(١) سبق تخريجه قريبًا.
(٢) لفظ: (الذي) ساقط من (ش).
(٣) ليث بن أبي سليم بن زنيم القرشي مولاهم، أبو بكر الكوفي، تقدمت ترجمته.
(٤) ذكره الرازي في "تفسيره" ١٤/ ٨.
(٥) لم أقف عليه.
(٦) لم أقف عليه.
(٧) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٨/ ١٠٥، وابن أبي حاتم ٥/ ١٤٢٩، وذكره السيوطي في "الدر" ٣/ ١١٧، وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر في "حاشية الطبري".
(٨) المرفوع جاء من ثلاثة طرق:
الأول: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن الرسول - ﷺ - قال: "يا عائشة، ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾ هم أصحاب البدع وأصحاب الأهواء وأصحاب الضلالة من هذه الأمة، ليست لهم توبة. يا عائشة، إن لكل صاحب ذنب توبة =


الصفحة التالية
Icon