أن تقرأ ﴿يَكُنْ﴾ بالتاء والياء، وتجعل أيهما شئت من الفتنة. و ﴿أَنْ قَالُوا﴾ الاسم أو الخبر، إلا أن الاختيار قرأه من جعل ﴿أَنْ قَالُوا﴾ الاسم دون الخبر؛ لأن ﴿أَنْ﴾ إذا وصلت بالفعل لم توصف، فأشبهت بامتناع وصفها المضمر، فكما أن المضمر إذا كان مع المظهر كان أن يكون الاسم أحسن، كقولك: كنت القائم، كذلك إذا كانت (أن) مع اسم غيرها كانت أن يكون الاسم أولى (١).
واختلفوا في معنى الفتنة هاهنا، فالأكثرون على أن معناه: ثم لم يكن جوابهم، وذلك لأنهم حين سئلوا اختبر ما عندهم بالسؤال فلم يكن الجواب عن ذلك الاختبار (٢) إلا هذا القول، وهذا قول أبي العالية والقرظي (٣) واختيار عبد الله بن مسلم (٤). قال أبو العالية: ﴿فِتْنَتُهُمْ﴾: مقالتهم، وقال القرظي: (إجابتهم)، وقال قتادة (٥): ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ﴾ معذرتهم ﴿إِلَّا أَنْ قَالُوا﴾، وهذا راجع إلى معنى الجواب، وروي هذا
(٢) في (ش): (الاختيار) بالياء، وهو تصحيف.
(٣) ذكره أبو حيان في "البحر" ٤/ ٩٥ عن أبي العالية ومحمد بن كعب القرظي.
(٤) "تفسير غريب القرآن" ص ١٥٢، و"تأويل مشكل القرآن" ص ٤٧٢.
(٥) أخرجه الطبرى في "تفسيره" ٧/ ١٦٧، من طرق جيدة، وأخرج عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٢/ ٢٠٦، والطبري في "تفسيره" بسند جيد عنه قال: (مقالتهم).