واختلفوا في قوله تعالى: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا﴾ فقرئ ﴿رَبِّنَا﴾ بالنصب والخفض (١)، فمن خفض جعل الاسم المضاف وصفًا للمفرد، كقولك: رأيت زيدًا صاحبنا، وبكرًا جاركم؛ ومن نصب جعله منادى مضافًا، وفصل به بين القسم والمقسم عليه، والفصل بالنداء كثير في كلامهم، وذلك لكثرة النداء في الكلام، ومثله قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ﴾ [يونس: ٨٨]. والمعنى: آتيتهم أموالاً ليضلوا فلا يؤمنوا، ففصل بالمنادي بين فعله ومفعوله (٢).
قوله تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ [الأنعام: ٢٤] قال قتادة: (باعتذارهم بالباطل) (٣).
وقال عطاء: (بجحد شركهم في الآخرة) (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ﴾ عطف على قوله: ﴿انْظُرْ﴾ تقديره: وكيف، ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ (٥) بعبادته من الأجسام والأوثان فلم

(١) قرأ حمزة والكسائي (ربنا) بنصب الباء، والباقون بجرها.
انظر: "السبعة" ص ٢٥٥، و"المبسوط" ص ١٦٧، و"التذكرة" ٢/ ٣٩٦، و"التيسير" ص ١٠٢، و"النشر" ٢/ ٢٥٧.
(٢) هذا معنى قول الفارسي في "الحجة" ٣/ ٢٩١، وانظر: "معاني الفراء" ١/ ٣٣٠، والأخفش ٢/ ٢٧٠، والزجاج ٢/ ٢٣٦، و"إعراب النحاس" ١/ ٥٤١، و"معاني القراءات" ١/ ٣٤٧، و"إعراب القراءات" ١/ ١٥٣، و"الحجة" لابن خالوية ص ١٣٧. ولابن زنجلة ص ٢٤٤، و"الكشف" ١/ ٤٢٧، و"التبيان" ١/ ٣٢٨، و"الدر المصون" ٤/ ٥٧٤.
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٧/ ١٦٨، بسند جيد.
(٤) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٢.
(٥) أكثرهم على أن (وضل عنهم) معطوف على جملة (كذبوا)، فيكون داخلًا في حيز النظر، ويجوز أن يكون استئنافًا فلا يندرج في حيز المنظور إليه. انظر: الرازي =


الصفحة التالية
Icon