وجهين في رفع ﴿وَلَا نُكَذِّبَ﴾، وذكرنا وجه من قرأ بالنصب فيهما، فيحتمل أن ابن عامر أدخل ﴿وَلَا نُكَذِّبَ﴾ [في التمني] (١)، وإن كان رفعًا على ما بينا والكون داخل فيه إذا نصب، ويحتمل أنه أراد الإخبار في ﴿وَلَا نُكَذِّبَ﴾، وأدخل الكون في التمني (٢).
٢٨ - قوله تعالى: ﴿بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ﴾ معنى ﴿بَلْ﴾ هاهنا رد لكلامهم وإضراب عن توهم صحة عزيمتهم على الإنابة التي كان (٣) تمني الرجعة لأجلها، يقول الله تعالى -ليس على ما قالوا-: ﴿بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ﴾، فلذلك اعتذروا وتمنوا الرد، أي: إنما اعتذروا حين افتضحوا (٤). واختلفوا في معني: ﴿بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ﴾، فقال أبو روق: إن المشركين في بعض مواقف القيامة يجحدون الشرك فيقولون: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣] فينطق الله جوارحهم فتشهد عليهم بالكفر وذلك حين ﴿بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ﴾) (٥)، وعلى هذا أهل التفسير (٦). وحكى عن المبرد أنه قال: (بدا لهم وباله وسوء عاقبته، وكأن كفرهم لم يكن باديًا لهم إذ خفي مضرته، وهذا كما تقول لمن وقع فيما

(١) لفظ: (في التمني) ساقط من (أ).
(٢) انظر: "معاني القراءات" ١/ ٣٤٩، و"إعراب القراءات" ١/ ١٥٤، و"الحجة" لابن خالويه ص ١٣٨، ولأبي علي الفارسي ٣/ ٢٩٣، ولابن زنجلة ص ٢٤٥، و"الكشف" ١/ ٤٢٧، و"المشكل" ١/ ٢٤٩.
(٣) في (أ): (كانت يتمنى).
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ٧/ ١٧٦ - ١٧٧.
(٥) ذكره الثعلبي ١٧٦ ب، والرازي ١٢/ ١٩٣، والقرطبي ٦/ ٤١٠، و"البحر" ٤/ ١٠٣.
(٦) انظر: الطبري ٧/ ١٧٦ - ١٧٧، السمرقندي ١/ ٤٨٠، الرازي ١٢/ ١٩٣.


الصفحة التالية
Icon