اللَّهِ} (١) [الزمر: ٥٦]، و ﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ﴾ (٢) [هود: ٧٢]، وهذا أبلغ من أن يقول: الحسرة علينا في تفريطنا) (٣)، ومثله: ﴿يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ﴾ [يوسف: ٨٤]؛ تأويله: يا أيها الناس تنبهوا على ما وقع في زمان الأسف، فوقع النداء على غير المنادي في الحقيقة؛ لاتساع العرب في مجازها (٤)، وهذا كقولهم: لا أريتك هاهنا، وقع النهي على غير المنهي في الحقيقة.
وقال سيبويه: (إنك إذا قلت: يا عجباه (٥)، فكأنك قلت: احضر وقال يا عجيب، فإنه من أزمانك، وتأويل يا حسرتاه: انتبهوا على أنّا قد خسرنا) (٦)، فقد حصل للنداء هاهنا تأويلان أحدهما: أن النداء للحسرة، والمراد به تنبيه المخاطبين على قول الزجاج وأبي بكر، وعلى قول سيبويه دُعيت الحسرة على معنى أن هذا وقتك فتعالي (٧).
(٢) في النسخ: (يا ويلتا..)، وهو تحريف.
(٣) معاني الزجاج ٢/ ٢٤١.
(٤) هذا من كلام الواحدي، وذكره الرازي في "تفسيره" ١٢/ ١٩٧، انظر: "معاني الزجاج" ٣/ ٢٣٥.
(٥) جاء في (أ): (يا عجبا).
(٦) النص عند الزجاج في "معانيه" ٢/ ٢٤١، و"معاني النحاس" ٢/ ٤١٥، والرازي في "تفسيره" ١٢/ ١٩٨، و"الفريد" للهمذاني ٢/ ١٤٠، وقال سيبويه في "الكتاب" ٢/ ٢١٧: (وقالوا: يا للعجب لما رأوا عجبًا، كأنه يقول: تعال يا عجيب، فإنه من أيامك وزمانك) ا. هـ ملخصًا. وانظر: "معاني الفراء" ٢/ ٤٢١، و"معاني الأخفش" ١/ ٢٠٤، و"المقتضب" للمبرد ٤/ ٢٠٢ - ٢٠٣.
(٧) والظاهر أن الجميع مراد في ذلك، فنداء الحسرة للتنبيه وتعظيم الأمر وتشنيعه، وكأنه يقول: اقربي واحضري فهذا وقتك وزمانك، وفي ذلك تعظيم للأمر على نفس المتكلم وعلى سامعه وهو المقصود بنداء ما لا يعقل. وهذا ظاهر كلام أكثرهم. انظر: المدخل للحدادي ص ٥٨٨، و"تفسير البغوي" ٣/ ١٣٨، ابن =