النبي - ﷺ - لما سمع تكذيب قومه إياه توقع ما يخاطبه الله تعالى في ذلك فقال: ﴿قَدْ نَعْلَمُ﴾ ذلك تسلية وتعزية عما يواجه به قومه (١).
قال ابن عباس في هذه الآية: (يريد تعزية النبي - ﷺ - وتصبيره فيما تقول (٢) قريش من تكذيبهم إياه) (٣).
وقوله تعالى ﴿فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ﴾. دخلت الفاء (٤) في (إنهم) لاقتضاء الكلام الأول هذا (٥)، كأنه قيل: إذا كان قد يحزنك الذي يقولون فاعلم أنهم لا يكذبونك. واختلفوا في معنى قوله: ﴿فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ﴾ فقال ابن عباس: ﴿فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ﴾ في السر قد علموا أنك صادق: ﴿وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ بمحمد والقرآن في العلانية) (٦)، وهذا قول أكثر المفسرين: أبي صالح (٧) وقتادة (٨) والسدي (٩) ومقاتل، قالوا: (هذا في المعاندين الذين عرفوا صدق محمد - ﷺ -، وأنه غير كاذب فيما يقول، ولكن عاندوا وجحدوا).

(١) انظر: "تفسير الطبري" ٧/ ١٨٠، وابن الجوزي ٣/ ٢٨.
(٢) في (أ): (يقول): بالياء.
(٣) لم أقف عليه. وانظر: "تنوير المقباس" ٢/ ١٥.
(٤) لم أقف على من تكلم عن الفاء هنا. وفي الجدول في "إعراب القرآن" ٤/ ٧/ ١٠٠، قال في الآية: (الفاء للتعليل؛ لأن القول السابق يفيد النهي، أي: لا تحزن إنهم لا يكذبونك) ا. هـ
(٥) في (ش): (هذه).
(٦) "تنوير المقباس" ٢/ ١٥، وذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٩.
(٧) أخرجه الطبري ٧/ ١٨١، بسند جيد، وذكره أكثرهم.
(٨) أخرجه عبد الرزاق ١/ ٢/ ٢٠٧، والطبري ٧/ ١٨١، وابن أبي حاتم ٤/ ١٢٨٣ بسند جيد.
(٩) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٩، عن ابن عباس وقتادة والسدي ومقاتل.


الصفحة التالية
Icon