وقال الآخرون (١): (يعني: ما كانوا يحرمونه على أنفسهم أيام حجهم من اللحم والدسم)، وهذا كالاختلاف في قوله: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا﴾ [الأعراف: ٣١] في الآية الأولى (٢).
وقوله تعالى: ﴿قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾
قال الفراء: (نصب ﴿خَالِصَةً﴾ على القطع (٣) وجعلت خبر (هي (٤)) في اللام التي في قوله ﴿لِلَّذِينَ﴾ والخالصة ليست بقطع من هذه اللام، ولكنها قطع من لام أخرى مضمرة، والمعنى والله أعلم: ﴿قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ مشتركة وهي لهم في الآخرة ﴿خَالِصَةً﴾ على القطع) (٥).
قال أبو علي: (قوله: ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [يحتمل أن يكون ظرفًا لـ (هي)، وخبرها قوله: ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ والتقدير: هي في الحياة الدنيا] (٦)
(٢) والآية عامة في كل ما يتزين به من ملبوس أو غيره، وفي الطيبات من المآكل والمشارب التي أباحها الله تعالى ورسوله - ﷺ - وإنكار عام على كل من أحل ما حرم الله أو حرم ما أحل الله، ومنها ما فعله أهل الجاهلية. قال الطبري في "تفسيره" ٨/ ١٦٣: (يقول الله تعالى ذكره لنبيه - ﷺ - قل لهؤلاء من حرم عليكم زينة الله التي خلقها لعباده؛ أن تتزينوا بها وتتجملوا بلباسها والحلال من رزق الله الذي رزقه خلقه لمطاعمهم ومشاربهم، وقد أجمعوا على أن الزينة ما قلنا) اهـ. ملخصًا.
وانظر: "تفسير بن عطية" ٥/ ٤٨٢، ٤٨٣، والقرطبي ٧/ ١٩٥.
(٣) يعني بالقطع الحال، أفاده السمين في "الدر" ٥/ ٣٠٢، وانظر: "معجم المصطلحات النحوية" ص ١٨٨.
(٤) في "معاني الفراء" ١/ ٣٧٧: (وجعلت الخبر في اللام التي في الذين..) اهـ.
(٥) "معاني الفراء" ١/ ٣٧٧.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).