وقوله تعالى: ﴿قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ﴾، يعني بالأخرى: آخر الأمم، وبالأولى: أول الأمم، وبيانه ما قاله السدي: (﴿أُخْرَاهُمْ﴾ يعني: الذين كانوا في آخر الزمان، ﴿لِأُولَاهُمْ﴾ يعني: الذين شرعوا لهم ذلك الدين) (١). وقال مقاتل: (﴿أُخْرَاهُمْ﴾ يعني: آخرهم دخولًا النار وهم الأتباع ﴿لِأُولَاهُمْ﴾ دخولًا وهم القادة) (٢). وتأويل هذا راجع إلى معنى القول الأول؛ لأن (٣) آخرهم دخولًا النار هم الأتباع، والأولى هم القادة، فالمعنى على القولين جميعًا: قالت الأتباع للقادة: ﴿رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا﴾ (٤).
قال ابن عباس: (لأنهم شرعوا لنا أن نتخذ من دونك إلها، ﴿فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ﴾، قال: يريد أضعف عليهم العذاب بأشد مما تعذبنا به) (٥).
وأما معنى الضعف فقال أبو عبيدة: (هو مثل الشيء مرة واحدة) (٦).

(١) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٨/ ١٧٤، وابن أبي حاتم ٥/ ١٤٧٥ بسند جيد.
(٢) "تفسير مقاتل" ٢/ ٣٦.
(٣) في (ب): (إلا أن)، وهو تحريف.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ٨/ ١٧٣، و"معني الزجاج" ٢/ ٣٣٦، و"النحاس" ٣/ ٣٣، و"تفسير السمرقندي" ١/ ٥٤٠، والماوردي ٢/ ٢٢٢.
(٥) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٧٩، وابن الجوزي في "تفسيره" ٣/ ١٩٥.
(٦) في "مجاز القرآن" ١/ ٢١٤: (أي: عذابين مضعف فصار شيئين)، وفي "تهذيب اللغة" ٣/ ٢١١٨، عن أبي عبيدة قال: (معناه يجعل الواحد ثلاثة) اهـ. وضعف الشيء -بالكسر- مثله، ويقال مثلاه، وضعفاه مثلاه، وأضعافه أمثاله، وقال الخليل في "العين" ١/ ٢٨٢: (التضعيف أن يزاد على أصل الشيء فيجعل مثلين أو أكثر) اهـ.
وانظر: "الجمهرة" ٢/ ٩٠٣، و"الصحاح" ٤/ ١٣٩٠، و"المجمل" ٢/ ٥٦٢، و"المفردات" ص ٥٠٨، و"اللسان" ٥/ ٢٥٨٨ (ضعف).


الصفحة التالية
Icon