قال ذو الرمة:

أَصَابَ خَصاَصَةً فَبَدَا كَليلًا كَللا وانْغَلَّ سَائِرُهُ انْغِلالًا (١)
ومعنى نزع الغل: إبطاله بإعدامه من الصدر.
وذكر أهل التأويل هاهنا قولين محتملين:
أحدهما: وهو الذي عليه المعظم (٢) أن معناه: أذهبنا الأحقاد التي كانت لبعض على بعض في دار الدنيا، وإلى هذا أشار علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فقال: (إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال الله جل ذكره: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾) (٣).
وقال الحسن في هذه الآية: (يعني: الجاهلية) (٤).
والقول الثاني: أن نزع الغل إنما هو لئلا يحسد بعضهم بعضًا في تفاضل منازلهم وتفاوت مراتبهم في الجنة، واختار الزجاج هذا فقال:
(١) "ديوانه" ص ٥١٥ هـ. وقال الخطيب التبريزي في "شرحه": (خصاصة فرحة، والكليل الضَّعيف، وانغل غاب ودخل، وكلا كقولك: لا) اهـ.
(٢) انظر: "معاني النحاس" ٣/ ٣٧، والسمرقندي ١/ ٥٤١، والماوردي ٢/ ٢٢٤.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٢/ ٢٢٩، والطبري ٨/ ١٨٣، وابن أبي حاتم ٥/ ١٤٧٨ بسند جيد عن قتادة عن علي -رضي الله عنه- وهو مرسل، قتادة لم يسمع من علي، انظر: "المراسيل" لابن أبي حاتم ص ١٦٨، وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" ٣/ ١١٣ عن إبراهيم النخعي، ومن طريق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه، قال الحافظ ابن حجر في "الشاف الكاف" ص ٦٤: (أخرجه ابن سعد والطبري عن علي، وكلاهما منقطع، وأخرجه ابن أبي شيبة عن ربعي بن حراش عن علي وهو متصل) اهـ.
انظر: "تخريج أحاديث الكشاف" للزيلعي ١/ ٤٦٢، و"الفتح السماوي" للمناوي ٢/ ٦٣٥ - ٦٣٦.
(٤) ذكره الماوردي في "تفسيره" ٢/ ٢٢٤؛ وأبو حيان في "البحر" ٤/ ٢٩٨.


الصفحة التالية
Icon