وقرأ (١) ابن عامر (٢): ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ﴾ رفعًا كلها، والنصب (٣) هو وجه الكلام لقوله تعالى: ﴿وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾ [فصلت: ٣٧] فكما أخبر في هذه الآية أنه خلق الشمس والقمر، كذلك يُحمل على ﴿خَلَقَ﴾ (٤) في قوله: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ﴾ [الأعراف: ٥٤]، وحجة ابن عامر قوله: ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا في اَلسَّمَاوَاتِ وَمَا في اَلأَرْضِ﴾ [الجاثية: ١٣]، ومما في السماء الشمس والقمر، فإذا أخبر بتسخيرها حسن الإخبار عنها به، كما أنك إذا قلت: ضربت زيدًا استقام أن تقول: زيد مضروب (٥).
وقوله تعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾، قال أصحاب المعاني: (﴿لَهُ الْخَلْقُ﴾ لأنه خلقهم، وله أن يأمر فيهم بما أحب (٦)، وله الحكم في الخلق يأمرهم بما يشاء)، وعلى هذا [المعنى] (٧) ﴿الْأَمْرُ﴾ هاهنا الذي هو نقيض

(١) في أصل (أ): (وقول) ثم صحح إلى (قرأ).
(٢) قرأ ابن عامر: (﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ﴾ بالرفع في الأربع، وقرأ الباقون بالنصب غير أن التاء مكسورة من ﴿مُسَخَّرَاتٍ﴾ لأنها تاء جمع المؤنث السالم. انظر: "السبعة" ص ٢٨٢ - ٢٨٣، و"المبسوط" ص ١٨١، و"التذكرة" ٢/ ٤١٩، و"التيسير" ص ١١٠، و"النشر" ٢/ ١٦٩.
(٣) وكذا قال مكي في "الكشف" ١/ ٤٦٥، ونقل قول الواحدي الرازي في "تفسيره" ١٤/ ١١٨.
(٤) انظر: "معاني الأخفش" ٢/ ٣٠٠، و"إعراب النحاس" ١/ ٦١٧.
(٥) هذا نص كلام أبي علي في "الحجة" ٤/ ٢٩ غير أنه لم يختر قراءة النصب. وانظر: "معاني القراءات" ١/ ٤٠٨، و"إعراب القراءات" ١/ ١٨٥ - ١٨٦، و"الحجة" لابن خالويه ص ١٥٦ - ١٥٧، ولابن زنجلة ص ٢٨٤.
(٦) في (ب): (بما حب).
(٧) لفظ: (المعنى) ساقط من (ب).


الصفحة التالية
Icon