قال ابن عباس في معنى الآية: (فما كان تضرعهم ﴿إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ فأقروا على أنفسهم بالشرك) (١).
قال ابن الأنباري: (يريد: فما كان قولهم ﴿إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا﴾ إلا الاعتراف بالظلم والإقرار بالإساءة) (٢)
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ قَالُوا﴾. الاختيار عند النحويين أن يكون موضع ﴿أَنْ﴾ رفعا بكان ويكون الدعوى نصبا (٣) كقوله: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا﴾ [النمل: ٥٦]، وقوله ﴿فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ﴾ [الحشر: ١٧].
وقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا﴾ (٤) [الجاثية: ٢٥]. ويجوز أن يكون على الضد (٥) من هذا بأن يكون الدعوى رفعًا و ﴿أَنْ قَالُوا﴾ نصبًا كقوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا﴾ [البقرة: ١٧٧] على قراءة (٦) من رفع ﴿الْبِرَّ﴾

(١) ذكره الرازي في "تفسيره" ١٤/ ٢١، وأبو حيان في "البحر" ٤/ ٢٦٩، وانظر "تنوير المقباس" ٢/ ٨١، وفيه: (دعواهم - قولهم).
(٢) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٥٧، وابن الجوزي في "تفسيره" ٣/ ١٦٨، والرازي ١٤/ ٢١.
(٣) فدعواهم: خبر مقدم و ﴿إِلَّا أَنْ قَالُوا﴾ اسم كان مؤخر. وهو اختيار الفراء في "معانيه" ١/ ٣٧٢، والزجاج ٢/ ٣١٩، والنحاس في "إعراب القرآن" ١/ ٦٠٠، والزمخشري في "الكشاف" ٢/ ٦٧، وابن عطية في "تفسيره" ٥/ ٤٢٤، قال الهمداني في "الفريد" ٢/ ٢٧٠: (وهذا أحسن حملًا على ما ورد من نظائره في التنزيل) اهـ.
(٤) في النسخ: (ومكان) بالواو وهو تحريف.
(٥) هذا قول مكي في "المشكل" ١/ ٢٨٢، والعكبري في "التبيان" ص ٣٦٩، واختاره أبو حيان في "البحر" ٤/ ٢٦٩.
(٦) قرأ حمزة وعاصم في رواية: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ﴾ -بفتح الراء-، وقرآ الباقون ﴿البرُ﴾ =


الصفحة التالية
Icon