وقوله تعالى: ﴿بِكُلِّ صِرَاطٍ﴾. يقال: قعد له بمكان كذا، وعلى مكان كذا، وفي مكان كذا، وهذه الحروف تتعاقب (١) في هذا الموضوع لاجتماع معانيها فيه، وذلك أنك إذا قلت: قعد بمكان كذا فـ (الباء) للالتصاق، وهو قد لاصق المكان، و (على) للاستعلاء، وهو قد علا المكان، و (في) للمحل، وهو قد حلّ المكان.
وقوله تعالى: ﴿وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ﴾ (٢) (٣). قال ابن عباس: (كانوا يجلسون على الطريق فيخبرون من أتى عليهم أن شعيبًا كذّاب فلا يفتنكم عن دينكم) (٤).
وقال مقاتل: (وتصدون عن دين الله من آمن به) (٥).
وقال الكلبي: (وتصرفون عن دين الله الإِسلام من آمن بشعيب) (٦). فالكناية في ﴿بِهِ﴾ يجوز أن تعود إلى ﴿سَبِيلِ اللَّهِ﴾؛ لأن المراد به دين الله على قول مقاتل، وعلى قول الكلبي الكناية تعود إلى شعيب، وقال عكرمة:

(١) انظر: "حروف المعاني" ص ٤٧، و"معاني الحروف" للرماني ص ٣٦، والصاحبي ص ١٣٢، و"مغني اللبيب" ١/ ١٠١.
وقال شيخ الإِسلام في "الفتاوى" ١٣/ ٣٤٢: (والعرب تضمن الفعل معنى الفعل وتعديه تعديته ومن هنا غلط من جعل بعض الحروف تقوم مقام بعض والتحقيق ما قاله نحاة البصرة من التضمين) اهـ.
وانظر: "معاني الأخفش" ٢/ ٣٠٦، و"تفسير الطبري" ٨/ ٢٣٩، و"إعراب النحاس" ١/ ٦٢٥، و"الدر المصون" ٥/ ٣٧٦.
(٢) في (ب): (ويصدون) بالياء، وهو تصحيف.
(٣) في (أ): (من آمن باللهِ)، وهو تحريف.
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٨/ ٢٣٨، وابن أبي حاتم ٥/ ١٥٢١ بسند جيد.
(٥) "تفسيرمقاتل" ٢/ ٤٨.
(٦) "تنوير المقباس" ٢/ ١١٠.


الصفحة التالية
Icon