قال عطاء عن ابن عباس: (يريد: حتى كثروا فسمنوا، وكثرت أموالهم) (١). وروى عنه أيضاً: (حتى جموا) (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ﴾، يعني: لما صاروا إلى الرخاء ﴿وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا﴾ من الدهر الشدة والرخاء، وتلك عادة الدهر، ولم يكن ما مسنا من البأساء والضراء عقوبة من الله، فكونوا على ما أنتم عليه كما كان آباؤكم ولم يقلعوا (٣) عن الكفر بما مسهم من الضراء، والله تعالى أخذهم بالضراء ليعتبروا ويقلعوا عن الكفر، وتكذيب الأنبياء فلم يعتبروا، وقالوا من غرّتهم وجهلهم: قد أصاب آباءنا في الدهر مثل ما أصابنا. وهذا معنى قول المفسرين (٤) في هذه الآية؛ قال ابن عباس: وهذا كما قال في سورة الأنعام: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ الآية (٥) [الأنعام: ٤٤].
(٢) أخرجه الطبري ٩/ ٨ بسند ضعيف، وذكره الثعلبي ٦/ ٢، وجَمّ الشيء واستجم: كثر، ومال جَمٌّ: كثير. انظر: "اللسان" ٢/ ٦٨٦ (جمم).
(٣) في (ب): (ولم يفعلوا)، وهو تحريف.
(٤) هذا كلام الزجاج في "معانيه" ٢/ ٣٥٩ - ٣٦٠، ونحوه قال النحاس في "معانيه" ٣/ ٥٧، والماوردي ٢/ ٢٤٣، والبغوي ٣/ ٢٦٠، وابن عطية ٦/ ١٤، وابن الجوزي ٣/ ٢٣٤، والرازي ١٤/ ١٨٣ - ١٨٤، وانظر: "تفسير الطبري" ٩/ ٨، والسمرقندي ١/ ٥٥٧، وابن كثير ٢/ ٢٦٠.
(٥) لم أقف عليه.