قال الزجاج: (أفأمنت الأمة التي كذبت النبي - ﷺ - ﴿أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا﴾) (١)، فعلى هذا المراد بأهل القرى الذين كذبوا محمدًا - ﷺ - وكفروا به، وقال آخرون: (هذا عام و (٢) معناه البيان عما ينبغي أن يكون عليه العباد من الحذر لبأس الله عز وجل وسطواته (٣) بالمبادرة إلى طاعته واتباع مرضاته) (٤)
٩٨ - قوله تعالى: ﴿أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى﴾ الآية. قرأ أكثر القراء (٥) ﴿أَوَأَمِنَ﴾ بفتح الواو، وهو حرف العطف دخلت على همزة الاستفهام، كما دخل في قوله: ﴿أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ﴾ [يونس: ٥١]، وقوله: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا﴾ [البقرة: ١٠٠]. وهذه القراءة أشبه بما قبله وما بعده؛ لأن ما قبله: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى﴾ [الأعراف: ٩٧]، وما بعده: ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ﴾ [الأعراف: ٩٩]، ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ﴾ (٦) [الأعراف: ١٠٠].

(١) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٦٠، ومثله قال النحاس في "معانيه" ٣/ ٥٨.
(٢) لفظ (الواو) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (وسلطانه).
(٤) وأكثرهم على الأول وأنه وعيد للكافرين المعاصرين للرسول أن ينزل بهم مثل ما نزل بالأمم السابقة. انظر: "تفسير البغوي" ٣/ ٢٦٠، وابن عطية ٦/ ١٧، والقرطبي ٧/ ٢٥٣، و"البحر" ٤/ ٢٤٩.
(٥) يقرأ: ﴿أَوْ أَمِنَ﴾ بإسكان الواو وتحريكها، فقرأ ابن عامر ونافع وابن كثير: ﴿أَوْ أَمِنَ﴾ بإسكان الواو غير أن ورشًا يلقى حركة الهمزة من ﴿أَمِنَ﴾ على الواو من ﴿أَوْ﴾ على أصله، وقرأ الباقون بفتح الواو. انظر: "السبعة" ص ٢٨٦، و"المبسوط" ص ١٨٢، و"التذكرة" ٢/ ٤٢١، و"التيسير" ص ١١١، و"النشر" ٢/ ٢٧٠.
(٦) قال أبو علي في "الحجة" ٤/ ٥٥: (فكما أن هذه الأشياء في هذه الآيات حروف عطف دخل عليها حرف الاستفهام كذلك يكون قوله: ﴿أَوَأَمِنَ﴾) اهـ.


الصفحة التالية
Icon