قال أهل المعاني: (الوقوع: ظهور الشيء بوجوده نارلاً إلى مستقره) (١).
قال المفسرون: (وذلك أن السحرة قالوا: لو كان ما صنع موسى سحراً لبقيت حبالنا وعصينا وعادت إلى حالها الأولى ولم تُفقد، فلما فُقدت علموا أن ذلك أمر من أمر الله تعالى، فذلك قوله: ﴿فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (٢). ﴿مَا﴾ يجوز أن يكون بمعنى (الذي)، فيكون المعنى: بطل الحبال والعصي الذي عملوا به السحر، أي: زال وذهب بفقدانها، ويجوز أن يكون بمعنى المصدر كأنه قيل: بطل عملهم (٣).
١١٩ - قوله تعالى: ﴿فَغُلِبُوا هُنَالِكَ﴾، قال ابن عباس: (يريد: فرعون وملأه وجيشه) (٤)، ومعنى ﴿هُنَالِكَ﴾ أي: عند ذلك المجمع، وهو ظرف مبهم، و (هنا) و (هناك) و (هنالك) كقولك: (ذا) و (ذاك) و (ذلك) (٥)، ودخلت اللام في (هنالك) للدلالة على بعد المكان المشار إليه، كما دخلت في (ذلك) لبعد المشار إليه، فـ (هناك) لما بعد قليلاً، و (هنالك) لما كان أشد بعداً، والكاف للمخاطبة.

(١) انظر: "تفسير الرازي" ١٤/ ٢٠٥.
(٢) هذا قول الفراء في "معانيه" ١/ ٣٩١.
(٣) انظر: "الفريد" ٢/ ٣٤٢، و"الدر" للسمين ٥/ ٤١٧، ونقل قول الواحدي الرازي في "تفسيره" ١٤/ ٢٠٥.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم ٥/ ١٥٣٦ بسند جيد.
(٥) انظر: "الكتاب" ٢/ ٧٨، وقال السمين في "الدر" ٥/ ٤١٨: (هنالك يجوز أن يكون مكانًا أي: غلبوا في المكان الذي وقع فيه سحرهم، وهذا هو الظاهر. قيل: ويجوز أن يكون زمانًا، وهذا ليس أصله، وقد أثبت له بعضهم هذا المعنى..) اهـ. ملخصًا.


الصفحة التالية
Icon