ترك أن يطيعك وأن يعبد ألهتك). وهذا قول الفراء (١)، واحتج على هذا بقراءة أبيّ: (أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض وقد تركوا أن يعبدوك) (٢).
قال أبو بكر: (وقال بعض النحويين: الواو نائبة عن الفاء، والتقدير: فيذرك وآلهتك) (٣)، وهذا قول أبي إسحاق، قال: (نصب ﴿وَيَذَرَكَ﴾ على جواب الاستفهام بالواو، والمعنى: أيكون منك أن تذر موسى وأن يذرك موسى) (٤). قال أبو بكر: (وحمله بعض الناس على إعراب (يُفسدوا)، وفي هذا بُعدٌ؛ لأن توحيده مع جمع (يفسدوا) يدل على انقطاعه منه) (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَآلِهَتَكَ﴾. قال أبو بكر: (كان ابن عباس ينكر قراءة العامة ويقرأ: (وإلاهتك) أي: عبادتك، ويقول: (٦) إن فرعون كان يُعبد

(١) انظر: "معاني الفراء" ١/ ٣٩١، وهو قول الطبري في "تفسيره" ٩/ ٢٥.
(٢) ذكر القراءة أيضًا عن أبي: أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص ١٢٧، والطبري في "تفسيره" ٩/ ٢٥، والنحاس في "إعراب القرآن" ١/ ٦٣٢، وابن عطية ٦/ ٤٢، والقرطبي ٧/ ٢٦٢، وأبو حيان في "البحر" ٤/ ٣٦٧، وجاء عند الجميع إلا النحاس: (وقد تركوك أن يعبدوك).
(٣) انظر: "الإيضاح" لابن الأنباري ٢/ ٦٦٣، وذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٢١، وانظر: "معاني القراءات" ١/ ٤١٩ - ٤٢٠.
(٤) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٦٧، وانظر: "إعراب النحاس" ١/ ٦٣٢.
(٥) قال ابن الأنباري في "الإيضاح" ٢/ ٦٦٣: (قال اليزيدي: ﴿وَيَذَرَكَ﴾ منصوب على معنى: ﴿لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ﴾ وليذرك وآلهتك) اهـ. وقال السمين في "الدر" ٥/ ٤٢٣: (في النصب وجهان: أظهرهما أنه على العطف على ﴿لِيُفْسِدُوا﴾، والثاني: النصب على جواب الاستفهام) اهـ.
(٦) أخرج الطبري ٩/ ٢٥، ٢٦، وابن أبي حاتم ٥/ ١٥٣٨ من طرق جيدة عن ابن عباس أنه قرأ: ﴿وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ﴾ بكسر الألف، وقال: (إنما كان فرعون يُعْبدَ ولا يَعْبُد) =


الصفحة التالية
Icon