بن يحيى الكناني: قال: (قوله: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾ جواب قول موسى ﴿أَرِنِي﴾ فلا يقع على الآخرة؛ لأن موسى لم يقل: أرني في الآخرة، إنما سأل الرؤية في الدنيا فأجيب عما سأل) (١)، والجواب يكون على وفق السؤال؛ كيف وقد نص ابن عباس في رواية عطاء في قوله: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾. قال: (لن تراني في الدنيا) (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي﴾. قال مقاتل: (لما قال موسى: ﴿أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾ قال له ربه: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾، ولكن اجعل بيني وبينك ما هو أقوى منك، وهو الجبل ﴿فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ﴾ أي: سكن وثبت ﴿فَسَوْفَ تَرَانِي﴾، وإن لم يستقر مكانه فإنك لا تطيق رؤيتي، كما أن الجبل لا يطيق رؤيتي) (٣).
قال الكلبي (٤) وغيره (٥): (والجبل في قوله: ﴿وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ﴾
(٢) ذكره الثعلبي في "الكشف" ١٩٦ أ.
(٣) "تنوير المقباس" ٢/ ١٢٥. وذكره الواحدي في "الوسيط" ٢/ ٢٣٦، وابن الجوزي ٣/ ٢٥٦، وهذا هو الحق ومذهب أهل السنة والجماعة.
قال ابن كثير ٢/ ٢٧٢: (استدل المعتزلة على نفي الرؤية في الدنيا والآخرة بهذه الآية وهذا أضعف الأقوال؛ لأنه قد تواترت الأحاديث عن رسول الله - ﷺ - بأن المؤمنين يرون ربهم في الدار الآخرة) اهـ.
وانظر: "الإبانة" للأشعري ص ١٣ - ٢١، و"تفسير الماوردي" ٢/ ٢٥٧، وابن عطية ٦/ ٦٨، وابن الجوزي ٣/ ٢٥٦، والقرطبي ٧/ ٢٧٨.
(٤) "تفسير مقاتل" ٢/ ٦١.
(٥) "تنوير المقباس" ٢/ ١٢٥، وذكره الواحدي في "الوسيط" ٢/ ٢٣٧.