وقال أبو العالية: (وأنا أول من آمن أنه لا يراك أحد قبل يوم القيامة) (١). واختاره الزجاج فقال: (أي: أول المؤمنين بأنك لا ترى في الدنيا) (٢).
١٤٤ - قوله تعالى: ﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ﴾. الاصطفاء (٣): استخلاص الصفوة لما لها من الفضيلة.
ومعنى ﴿اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ﴾. قال ابن عباس: (يريد: فضلتك على الناس) (٤).
وقال الزجاج: (أي: اتخذتك صفوة على الناس) (٥).
﴿بِرِسَالَاتِي﴾، وقرئ (٦) ﴿برسالتي﴾، والرسالة تجري مجرى

(١) أخرجه الطبري ٩/ ٥٥، بسند لا بأس به، وذكره السمرقندي في "تفسيره" ١/ ٥٦٨.
(٢) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٧٤، وهذا هو الظاهر وهو اختيار الطبري ٩/ ٥٦، وقول الإِمام أحمد رحمه الله تعالى قال في الرد على الجهمية ص ٩٦: (يعني: أول المصدقين أنه لا يراك أحد في الدنيا إلا مات)، وانظر: "مرويات الإِمام أحمد في التفسير" ٢/ ١٩٧، وقال ابن كثير ٢/ ٢٧٣: (وهذا قول حسن له تجاه) اهـ. وانظر: "تأويل مشكل القرآن" ص ٢٨١.
(٣) الصَّفْو والصفاء: ممدود خلوص الشيء من الشوب نقيض الكدر وصفوة كل شيء خالصه وخيره، والاصطفاء الاختيار وتناول صفوة الشيء، افتعال من الصفوة: واستصفيت الشيء إذا استخلصته. انظر: "العين" ٧/ ١٦٢، و"الجمهرة" ٢/ ٨٩٣، و"تهذيب اللغة" ٢/ ٢٠٢٢، و"الصحاح" ٦/ ٢٤٠١، و"مقاييس اللغة" ٣/ ٢٩٢، و"المجمل" ٢/ ٥٣٥، و"المفردات" ص ٤٨٧، و"اللسان" ١٤/ ٢٤٦٨ (صفو).
(٤) ذكره الرازي في "تفسيره" ١٤/ ٢٣٦.
(٥) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٧٤.
(٦) قرأ نافع وابن كثير (برسالتي) بغير ألف بعد اللام على التوحيد، وقرأ الباقون ﴿بِرِسَالَاتِي﴾ بألف بعد اللام على الجمع. انظر: "السبعة" ص ٢٩٣، و"المبسوط" ص ١٦٣، و"التذكرة" ٢/ ٤٢٥، و"التيسير" ص ١١٣، و"النشر" ٢/ ٢٧٢.


الصفحة التالية