المصدر، فيجوز إفرادها في موضع الجمع وإن لم يكن المصدر من (أرسل) (١)، وقد تقدم الكلام في هذا (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَبِكَلَامِي﴾. هذا يدل على أنه سمع كلام الله عز وجل من غير واسطة؛ لأن ما يكون بواسطة يدخل في حد الرسالة، وأشار أبو إسحاق إلى أن معنى اصطفائه: هو تخصيصه بكلامه من غير واسطة؛ لأنه قال: (لأن الملائكة تنزل إلى الأنبياء بكلام الله عز وجل) (٣) أي: تفضيله موسى (٤) أنه سمع كلام الله من غير ملك، وإنما كان كلام الله تعالى لموسى من غير واسطة بينه وبينه فضيلة وشرفًا؛ لأن من أخذ العلم عن العالم المعظم كان أجلّ رتبة ممن أخذه عن واحد عنه، كما نقول في الأسانيد إلى النبي - ﷺ -؛ فإن أقربها إليه أعزها وأجلها (٥).
وقوله تعالى: ﴿فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ﴾. قال ابن عباس: (يريد: ما فضلتك وكرمتك). وقوله ﴿وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾. (يعني: لأنعمي والطائعين لي) (٦).
١٤٥ - قوله تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ﴾. قال ابن عباس:
(٢) انظر: "البسيط" نسخة جامعة الإمام ٣/ ٥٨ ب.
(٣) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٧٥.
(٤) انظر: "تفسير البغوي" ٣/ ٢٧٩، والرازي ١٤/ ١٩٢.
(٥) انظر: "معرفة علوم الحديث" للحاكم ص ١١٢ - ١١٣، وقال ابن الصلاح في "علوم الحديث" ص ٢٥٦: (طلب العلو سنة وتستحب الرحلة فيه، وهو يبعد من الخلل وأجل أنواع العلو القرب من رسول الله - ﷺ - بإسناد نظيف غير ضعيف) اهـ.
(٦) ذكره الواحدي في "الوسيط" ٢/ ٢٣٩.