الآية (١) [العنكبوت: ٤٨]. وقد مضى صدر من الكلام في معنى الأمّي عند قوله: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ﴾ [البقرة: ٧٨].
وقوله تعالى: ﴿الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ﴾. أي: يجدونه بنعته وصفته، وهو مذكور في الكتابين بنعوته وصفاته، قد عرف ذلك أهلهما.
وقوله تعالى: ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾. قال الزجاج: (يجوز أن يكون ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ استئنافًا، ويجوز أن يكون المعنى ﴿يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ﴾ أنه ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾) (٢). وعلى هذا يكون الأمر بالمعروف، وما ذكر بعده، من صفته التي (٣) ذكرت في الكتابين.
وقال أبو علي فيما استدرك عليه: إلا وجه لقوله ﴿يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا﴾ أنه ﴿يَأْمُرُهُمْ﴾ إن كان يعني: إن ذلك مراد؛ لأنه لا شيء يدل على حذفه، ولأنا لم نعلمهم حذفوا هذا في شيء.
قال: وتفسير الآية: إن وجدت فيها المتعدي إلى مفعولين و ﴿مَكْتُوبًا﴾ مفعول ثانٍ، والمعنى: يجدون ذكره أو اسمه مكتوبًا.
قال سيبويه: (تقول إذا نظرت في هذا الكتاب (٤): هذا عمرو، وإنما المعنى: هذا اسم عمرو، وهذا ذكر عمرو، وقال: إن هذا يجوز على سعة

(١) "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٤ (أم).
(٢) "الإغفال" لأبي علي ص ٨١٧، وفي "معاني الزجاج" ٢/ ٣٨١، قال: (قوله: ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ يجوز أن يكون ﴿يَأْمُرُهُمْ﴾ مستأنفًا) اهـ.
(٣) في (ب): (الذي).
(٤) في "الكتاب" ٣/ ٢٦٩، و"الإغفال" ص ٨١٨: (تقول إذا نظرت في الكتاب).


الصفحة التالية
Icon