عُذّبوا، فإذا كان يوم السبت شرعت لهم الحيتان ينظرون إليها في البحر، فإذا انقضى السبت ذهبت فلم تر إلى السبت المقبل، بلاء ابتلوا به، فذلك معنى قوله: ﴿وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ﴾). يقال: سبتت اليهود، أي: قامت بأمر سبتها.
قال الفراء: (ومعنى ﴿يَسْبِتُونَ﴾ يفعلون سبتهم، ﴿وَيَوْمَ﴾ منصوب بقوله: ﴿لَا تَأْتِيهِمْ﴾) (١).
وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ﴾، في قوله: ﴿كَذَلِكَ﴾ وجهان ذكرهما الزجاج وابن الأنباري، أحدهما: قال الزجاج: (أي: مثل هذا الاختبار الشديد نختبرهم، وموضع (٢) الكاف نصب بنبلوهم) (٣).
وقال أبو بكر: (ذلك) إشارة إلى ما بعده يراد به: ﴿نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾، كذلك البلاء الذي وقع بهم في أمر الحيتان وينقطع الكلام عند قوله: ﴿لَا تَأْتِيهِمْ﴾ (٤).
الوجه الثاني: قال الزجاج: (ويحتمل على بُعدٍ أن يكون ﴿وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ﴾. أي: لا تأتيهم شرعًا، ويكون ﴿نَبْلُوهُمْ﴾ مستأنفًا) (٥).

(١) "معاني الفراء" ١/ ٣٩٨، وانظر: "تفسير الطبري" ٩/ ٩٢، و"إعراب النحاس" ١/ ٦٤٥، و"المشكل" ١/ ٣٠٤، و"التبيان" ١/ ٣٩٤، و"الفريد" ٢/ ٣٧٥، و"الدر المصون" ٥/ ٤٩٣.
(٢) في (أ): (فموضع).
(٣) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٨٥، وانظر: "إعراب النحاس" ١/ ٦٤٥.
(٤) انظر: "الإيضاح" لابن الأنباري ٢/ ٦٦٧، و"القطع" للنحاس ١/ ٢٦٤، و"المكتفى" للداني ص ٢٧٧.
(٥) في (ي): (وهم لا يسبتون)، وهو تحريف.


الصفحة التالية
Icon