﴿وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾، ﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ﴾، وقال الأكثرون منهم: ﴿وَالَّذِينَ﴾ مبتدأ، ثم اختلفوا في خبره، فقال قوم (١): خبره محذوف تقديره: ﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ نعطيهم أجرهم، ودل على هذا المحذوف قوله: ﴿إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ﴾؛ [لأن فيه معنى التعليل فكان في ذكر العلة ما يغني عن المعلول.
وقال الزجاج: (الذي أختار أن يكون التقدير: ﴿إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ﴾] (٢) منهم) (٣)، فعلى هذا الخبر قوله: ﴿إِنَّا﴾، والعائد إلى المبتدأ محذوف وهو (منهم).
قال ابن الأنباري: (وخص ﴿الْمُصْلِحِينَ﴾ بأن وعدهم حفظ الأجر إذ كان منهم من لم يُصلح فتكاملت آثامه بتضييعه وصايا ربه وإقدامه على تكذيب النبيين ودفع ما يقف على نعته من أمر محمد - ﷺ -).
قال أبو بكر: (وقال بعض النحويين الراجع إلى المبتدأ قوله: ﴿الْمُصْلِحِينَ﴾، وتلخيص المعنى: إنا لا نضيع أجرهم فأظهرت كنايتهم بالمصلحين كما يُقال: عليُّ لقيتُ الكسائي. وأبو سعيد رويت عن الخدري (٤)، يراد (٥): لقيته ورويتُ عنه، وأنشد:

(١) انظر: "غرائب التفسير" ١/ ٤٢٦، و"البيان" ١/ ٣٧٩، و"التبيان" ص ٣٩٥، و"الفريد" ٢/ ٣٨٢، و"الدر المصون" ٥/ ٥٠٧.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٨٨، وهو قول النحاس في "إعراب القرآن" ١/ ٦٤٨ - ٦٤٩، ومكي في "المشكل" ١/ ٣٠٥.
(٤) تقدمت ترجمته.
(٥) في (ب): (يقال لقيته)، وهو تحريف.


الصفحة التالية
Icon