وقال أبو بكر بن الأنباري: (مذهب أصحاب الحديث وكبراء أهل العلم في هذه الآية هو: أن الله عز وجل أخرج ذريات آدم من صلبه وأصلاب أولاده، وهم في صور الذر، وأخذ عليهم الميثاق أنه خالقهم وأنهم مصنوعوه، فاعترفوا بذلك وقبلوا، وذلك بعد أن ركب فيهم عقولًا عرفوا بها ما عرض عليهم، كما جعل للجبل عقلاً حتى خوطب (١)، وكما فعل ذلك بالبعير (٢) لما سجد، وبالنخلة (٣) حين سمعت، وانقادت

(١) ذكره الخازن ٢/ ٣٠٩، عن ابن الأنباري وفيه: (كما جعل للجبال عقولًا حتى خوطبوا بقوله تعالى: ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ﴾ [سبأ: ١٠] اهـ. وأخرج الحاكم في "المستدرك" ٢/ ٦٢٠ عن علي رضي الله عنه قال: (كنا مع النبي - ﷺ - بمكة فخرج في بعض نواحيها فما استقبله شجر ولا جبل إلا قال: السلام عليك يا رسول الله) قال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي. وانظر: "صحيح مسلم" رقم (٢٢٧٧) من حديث جابر بن عبد الله، كتاب الفضائل، باب: فضل نسب النبي - ﷺ -، وتسليم الحجر عليه قبل النبوة.
(٢) أخرج أحمد في "المسند" ٦/ ٧٦، عن عائشة: (أن رسول الله - ﷺ - كان في نفر من المهاجرين والأنصار فجاء بعير فسجد له..) الحديث، وانظر: "البداية والنهاية" ٦/ ١٢٣ - ١٥١.
(٣) أخرج البخاري رقم (٢٠٩٥) في "البيوع" -باب النجار- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه - قال: (قعد النبي - ﷺ - يوم الجمعة على منبر صنع له، فصاحت النخلة التي كان يخطب عندها، وبكت على ما كانت تسمع من الذكر حتى كادت أن تنشق فنزل النبي حتى أخذها فضمها إليه فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكت حتى استقرت) وأخرج ابن ماجه رقم (٤٠٢٨) كتاب الفتن، باب: الصبر على البلاء، بسند جيد عن أنس رضي الله عنه قال: (جاء جبريل إلى النبي - ﷺ - وهو جالس حزين فقال، ما لك؟ فقال: "فعل بي هؤلاء ما فعلوا" قال: أتحب أن أريك آية؟ قال: "نعم" قال: ادع تلك الشجرة، فدعاها فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه، قال: قل لها فلترجع، فقال لها فرجعت حتى عادت إلى مكانها..) وأخرج الحاكم =


الصفحة التالية
Icon