أي: يشهد، فيكون تأويله نشهد (١) ﴿أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ أي: إنكم ستقولون ذلك، فتكون القصة الأولى خبرًا عن جميع المخلوقين بأخذ الميثاق عليهم، والقصة الثانية خبرًا عن المشركين خاصة) (٢).
واختلف القراء في قوله: ﴿أَنْ تَقُولُوا﴾ [الأعراف: ١٧٢]، ﴿أَوْ تَقُولُوا﴾ [الأعراف: ١٧٣]، فقرأ (٣) أبو عمرو بالياء (٤) جميعًا؛ لأن الذي تقدم من الكلام على الغيبة وهو قوله: ﴿مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ لئلا يقولوا، وقرأ الباقون بالتاء؛ لأنه قد جرى في الكلام خطاب، وهو قوله: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا﴾، وكلا (٥) الوجهين حسن؛ لأن الغيب هم المخاطبون في المعنى (٦).
قال المفسرون: (هذه (٧) الآية تذكير بما أخذ على جميع المكلفين من الميثاق، واحتجاج عليهم؛ لئلا يقول الكفار ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا﴾ الميثاق ﴿غَافِلِينَ﴾ لم نحفظه ولم نذكره)، فإن قيل: كيف يحتج عليهم

(١) في (ب): (يشهد) بالياء.
(٢) ذكره ابن القيم في كتاب "الروح" ص ٢٢٩، والسمين في "الدر" ٥/ ٥١٣ - ٥١٤.
(٣) قرأ أبو عمرو: ﴿يَقُولوا يَوْمَ القِيامَة﴾ [الأعراف: ١٧٢]، ﴿أو يَقُولوا إنَّما أَشْرَكَ﴾ [الأعراف: ١٧٣] بالياء فيهما على الغيبة، وقرأهما الباقون بالتاء على الخطاب، انظر: "السبعة" ص ٢٩٨، و"المبسوط" ص ١٨٦، و"التذكرة" ٢/ ٤٢٩، و"التسير" ص ١١٤، و"النشر" ٢/ ٢٧٣.
(٤) في (أ): (فقرأ أبو عمر وجميعًا بالياء).
(٥) في: (أ): (فكلا).
(٦) هذا قول أبي علي في "الحجة" ٤/ ١٠٧، وانظر: "معاني القراءات" ١/ ٤٢٩، و"إعراب القراءات" ١/ ٢١٥، و"الحجة" لابن زنجلة ص ٣٠٢، و"الكشف" ١/ ٤٨٣.
(٧) في (أ): "وهذه".


الصفحة التالية
Icon