كيد (١) الله هنا: استدراجه إياهم (٢). قال المفسرون: (نزلت في المستهزئين من قريش؛ قتلهم الله عز وجل في ليلة واحدة بعد أن أمهلهم حتى صاروا إلى الاغترار بطول السلامة وإسباغ النعمة) (٣).
١٨٤ - وقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾. قال أصحاب المعاني: (التفكير طلب المعنى بالقلب كطلب الشخص بالعين) (٤)، وتقدير الآية ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا﴾ فيعلموا ﴿مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾، كذلك قال ابن كيسان (٥) وغيره، فحذف (يعلموا)؛ لأن التفكر مؤدٍ إلى العلم، فقام مقامه وأغنى عن ذكره، وذكر صاحب النظم أن بعض أهل العربية قال: (إن قوله: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا﴾ تمام الكلام واتصاله بما قبله، وقوله تعالى: ﴿مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾ نفي مبتدأ) (٦).
وإلى هذا مال ابن الأنباري؛ لأنه قال: (﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا﴾ وقف التمام.
(٢) انظر: "القواعد المثلى" لابن عثيمين ص ٢٠، و"المفسرون بين التأويل والإثبات" للمغراوي ص ١٣.
(٣) ذكره الثعلبي ٦/ ٢٦ ب، والبغوي ٣/ ٣٠٨، والقرطبي ٧/ ٣٣٠، والخازن ٢/ ٣٢١، و"البحر" ٤/ ٤٣١، وقد اختلف العلماء في المستهزئين من حيث عددهم وكيفية هلاكهم، انظر: "مجمع الزوائد" ٤/ ٤٦، و"الدر المنثور" ٣/ ٢٧٢.
(٤) ذكره الرازي ١٥/ ٧٥، وانظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٨١٨، و"المفردات" ص ٦٤٣ (فكر).
(٥) لم أقف عليه، وضعف هذا القول أبو حيان ٤/ ٤٣٢، والسمين ٥/ ٥٢٥.
(٦) ذكر هذا القول أبو حيان في "البحر" ٤/ ٤٣٢، والسمين في "الدر" ٥/ ٥٢٥ بلا نسبة.