ويحسن القبيح لكم لما سبق لكم عنده من الشقاء.
قال: وقال بعضهم: الإغواء الإهلاك، ومنه قوله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: ٥٩] أي: هلاكاً وبلاء، ومنه أيضًا قولهم: غَوِيَ الفصيل يَغْوَى غوى (١)، إذا أكثر من اللبن حتى يفسد جوفه ويشارف (٢) الهلاك والعطب، وفسروا قوله: ﴿إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ﴾ [هود: ٣٤] إن كان الله يريد أن يهلككم بعنادكم الحق، وهذا قول تحتمله اللغة، وأهل التفسير على القول الأول) (٣)
قال أبو إسحاق: (في ﴿أَغْوَيْتَنِي﴾ قولان: قال بعضهم: أضللتني، وقال بعضهم: فبما دعوتني إلى شيء غَويت به، أي: غويت من أجل آدم) (٤).
قال أبو بكر: (وأما قوله عز وجل: ﴿فَبِمَا﴾؛ فإن الباء تحتمل أمرين: أحدهما: القسم؛ أي: بإغوائك إياي ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ بقدرتك عليَّ ونفاذ سلطانك في لأقعدن لهم على الطريق المستقيم [الذي] (٥)

(١) جاء في "الزاهر" لابن الأنباري ٢/ ٢٥٢ (يقال: غَوى الرجل يَغْوى غَيًّا وغَواية: إذا جهل وأساء. ويقال: قد غَوِي الفصيل يَغْوَى إذا بشم من لبن أمه عند الإكثار والازدياد منه) اهـ. ونحوه في "شرح القصائد" ص ٥٢، وفي مصادر اللغة يطلق ذلك عليه، إذا فقد اللبن حتى كاد يهلك، ويقال أيضًا: إذا أكثر من اللبن فأتخم. انظر: "العين" ٤/ ٤٥٦، و"البارع" ص ٤٤٣ - ٤٤٥، والمراجع السابقة.
(٢) في (ب): (ويشارك)، وهو تحريف.
(٣) ذكر بعضه الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٦٢، والبغوي ٣/ ٢١٨، وابن الجوزي ٣/ ١٧٥، وقال: (الجمهور على أنه بمعنى: الإضلال) اهـ. وهو بدون نسبة في "تفسير الثعلبي" ١٨٨ أ، والرازي ١٤/ ٣٧
(٤) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٢٤، وانظر: "معاني النحاس" ٣/ ١٦، و"تفسير السمرقندي" ١/ ٥٣٣، والماوردي ٢/ ٢٠٦.
(٥) لفظ: (الذي) ساقط من (ب).


الصفحة التالية
Icon