قوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي﴾ الآية [الأعراف: ١٨٨]. اختلفوا في وجه تفسير هذه الآية، فقال (١) مقاتل: (هذه الآية متصلة بما قبلها، ومعنى قوله: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا﴾ لا أملك أن أسوق إليها خيرًا أو أدفع عنها سوءًا حين ينزل بي، فكيف أعلم وأملك علم الساعة) (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾. أي: إلا ما شاء الله أن يملكني إياه بالتمكين منه.
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ﴾. أي: من معرفته حتى أجيب في كل ما أُسأل عنه من الغيب في الساعة وغيرها، وحتى لا يخفى علي شيء، وتم الكلام (٣) هاهنا. ثم قال: ﴿وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾. أي: ليس بي جنون، وذلك لأنهم نسبوه إلى الجنون كما ذكرنا في قوله: ﴿مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾ (٤) [الأعراف: ١٨٤] فقال: ﴿وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ

(١) في (ب): (فقال مقال مقاتل هذه..).
(٢) "تفسير مقاتل" ٢/ ٧٨، وذكره الثعلبي ٦/ ٢٨ ب.
(٣) قال الداني في "المكتفى" ص ٢٨٢: (قوله تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٧] وقف تام وقوله: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ [الأعراف: ١٨٨] كافٍ. وقوله: ﴿وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾ أكفى منه وقوله ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٨] تام) اهـ. ونحوه قال ابن الأنباري في "الإيضاح" ٢/ ٦٧٣ والنحاس في "القطع" ١/ ٢٦٨، وذكر قول الواحدي الرازي في "تفسيره" ١٥/ ٨٤ - ٨٥، وقال: (هذا عندي بعيد جدًا، يوجب تفكيك نظم الآية) اهـ.
وقال أبو حيان في "البحر" ٤/ ٤٣٧: (هذا القول فيه تفكيك لنظم الكلام واقتصار على أن يكون جواب لو ﴿لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ﴾ [الأعراف: ١٨٨] فقط، وتقدير حصول علم الغيب يترتب عليه الأمران، لا أحدهما، فيكون إذ ذاك جوابًا قاصرًا) اهـ.
(٤) في (ب) كما ذكرنا في قوله: ﴿مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾ وهي الآية (٤٦) من سورة سبأ، وانظر: "البسيط النسخة الأزهري" ٤/ ١٧٠ ب سورة سبأ تفسير الآية (٤٦).


الصفحة التالية
Icon