فاعبدوهم هل يثيبونكم (١) أو يجازونكم) (٢).
وقال أهل المعاني: (معنى هذا الدعاء: طلب المنافع وكشف المضار من جهتهم، وذلك ما يُئِس منه من قبلهم، وعبادة من هذه صفته جهل وسخف، واللام في: ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا﴾ لام الأمر على معنى التعجيز، وهو طلب الفعل إن أمكن) (٣).
وقوله تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. أي: إن صدقتم أن لكم عند الأصنام منفعة أو ثوابًا أو شفاعة أو نصرة، قاله ابن عباس (٤)، وسلك صاحب النظم في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ طريقة أخرى؛ فقال: (تأويل قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ﴾ ﴿إِنَّ﴾ على استفهام، وفي الاستفهام طرف من الإنكار كقوله: ﴿أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا﴾ [التغابن: ٦] إلا أنه استثقل همزتان فاقتصر على إحداهما، وقد تستفهم العرب بغير الألف، قال الله تعالى: ﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ﴾ [الشعراء: ٢٢] بمعنى: أو تلك على الإنكار، ولا يجوز أن يكون هذا خبرًا؛ لأن تعبيده بني إسرائيل لم يكن منّة عليه، ومثله قول الشاعر (٥):

أفرح أن أرزأ الكرام وأن أورث ذودًا شصائصًا نبلا
أراد: أأفرح لأنه ينتفي من ذلك، ولا يرضى أن يقال له ذلك، وإنما
(١) في (ب): "يثبتونكم".
(٢) "تنوير المقباس" ٢/ ١٤٨، وذكره الواحدي في "الوسيط" ٢/ ٢٨٥، والبغوي ٣/ ٣١٥، والقرطبي ٧/ ٣٤٢.
(٣) انظر: "تفسير الرازي" ١٥/ ٩٢.
(٤) ذكره البغوي ٣/ ٥١٥ بلفظ: (﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ إن لكم عندها منفعة). وذكره الواحدي في "الوسيط" ٢/ ٢٨٥ بلا نسبة.
(٥) الشاهد لحضرمي بن عامر الأسدي، وقد سبق.


الصفحة التالية
Icon